كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الافتراضي للدورة الـ73 لجمعية الصحة العالمية

الناشر:汪倩

تاريخ النشر:
2020-05-21

رئيس الجمعية،

مدير عام منظمة الصحة العالمية،

أيها الممثلون:

في البداية، أود أن أشير إلى أن عقد هذه الدورة لجمعية الصحة العالمية في الوقت الحاسم الذي تكافح البشرية فيه ضد وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا المستجد لأمر يكتسب أهمية بالغة.

تمر البشرية الآن بأخطر حادث طارئ عالمي في مجال الصحة العامة منذ الحرب العالمية الثانية، إذ أن هذا الوباء المفاجئ قد اجتاح أكثر من 210 دول ومناطق، وألقى بظلاله على أكثر من 7 مليارات شخص، وأودى بحياة أكثر من 300 ألف شخص. بهذه المناسبة، أتقدم بالتعازي لضحايا الوباء والمواساة لذويهم!

يكون تاريخ الحضارة البشرية سجلا للمعارك ضد الأمراض والكوارث. لا يعرف الفيروس الحدود، ولا يميز الوباء بين الأعراق. في وجه الوباء الذي جاء شرسا ومخيفا، لم يتراجع المجتمع الدولي، بل وتتقدم شعوب العالم إلى الأمام بكل شجاعة، وتتكاتف وتتساند شعوب العالم بروح الفريق الواحد، مما جسد الحب الأعظم في الدنيا وحشد القوة الكبرى في المعركة ضد الوباء.

بفضل الجهود المضنية، وبعد دفع الثمن الكبير، نجحت الصين في تغيير الوضع بقوة والحفاظ على سلامة أرواح المواطنين وصحتهم. ظل الجانب الصيني يلتزم بموقف منفتح وشفاف ومسؤول، ويحيط منظمة الصحة العالمية والدول المعنية بمعلومات الوباء أول بأول، وقد نشر المعلومات حول التسلسل الجيني للفيروس في اللحظة الأولى، وتقاسم خبرات الوقاية والسيطرة والعلاج مع كافة الأطراف بدون أي تحفظ، وقدم ما في وسعه من الدعم والمساعدة للدول التي تحتاج إليها.

السيد الرئيس!

في الوقت الراهن، ما زال الوباء يتفشى، وتستلزم أعمال الوقاية والسيطرة مزيدا من الجهود. في هذا السياق، أود أن أطرح الاقتراحات التالية:

أولا، تضافر الجهود للوقاية والسيطرة على الوباء، باعتبار ذلك الأولوية القصوى في الوقت الراهن. يجب علينا الالتزام بمبدأ "الشعب وأرواحه أولا" والعمل على توزيع القوة الطبية والمستلزمات المهمة بشكل علمي واتخاذ خطوات قوية في الحلقات الحيوية التي تشمل الوقاية والعزل والتشخيص والعلاج والتتبع، سعيا لاحتواء تفشي الوباء في العالم في أسرع وقت ممكن ومنع انتشاره عبر الحدود. ويجب تعزيز تقاسم المعلومات وتبادل الخبرات والممارسات المفيدة، وإجراء التعاون الدولي حول سبل الفحص والعلاج السريري وتطوير اللقاحات والأدوية، ومواصلة دعم علماء العالم لإجراء البحوث العلمية لاستكشاف مصدر الفيروس وطرق انتقاله.

ثانيا، توظيف الدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية. قدمت منظمة الصحة العالمية تحت قيادة المدير العام الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مساهمات كبرى في قيادة ودفع التعاون الدولي في مكافحة الوباء، الأمر الذي حظي بالتقدير العالي من المجتمع الدولي. في هذه المرحلة المفصلية التي تتعاون دول العالم فيها في مكافحة الوباء، إن دعم منظمة الصحة العالمية هو دعم التعاون الدولي ودعم عملية إنقاذ الأرواح. لذا، تدعو الصين المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه السياسي ومساهمته المالية لمنظمة الصحة العالمية، بما يمكنها من تحريك موارد العالم وتحقيق الانتصار في المعركة ضد الوباء.

ثالثا، تعزيز الدعم للدول الإفريقية. نظرا لهشاشة منظومة الصحة العامة في الدول النامية وخاصة الدول الإفريقية، فتكون مساعدتها على تثبيت خط الدفاع شغلا شاغلا في المعركة الدولية ضد الوباء، ويجب علينا تقديم المزيد من الدعم المادي والتقني والبشري للدول الإفريقية. قد سلمت الصين كمية كبيرة من المستلزمات الطبية إلى أكثر من 50 دولة إفريقية والاتحاد الإفريقي، وأرسلت 5 أفرقة من الخبراء الطبيين إليها بشكل خاص. في السنوات الـ70 الماضية، قد قدمت الأفرقة الطبية الصينية المرسلة إلى الدول الإفريقية خدمات طبية لأكثر من 200 مليون فرد من المواطنين الأفارقة. أما اليوم، فإن 46 فريقا طبيا صينيا متواجدا في إفريقيا تخوض في معركة مكافحة الوباء إلى جانب البلدان الإفريقية.

رابعا، تعزيز الحوكمة العالمية للصحة العامة. ستنتصر البشرية على الوباء في نهاية المطاف، غير أن مثل هذه الأحداث الخطيرة والطارئة في مجال الصحة العامة لا تحدث للمرة الأخيرة بالنسبة للبشرية. فيجب استكمال منظومة الحوكمة لأمن الصحة العامة، لمعالجة أوجه القصور والحلقات الضعيفة التي كشف عنها خلال هذا الوباء. ويجب رفع سرعة الاستجابة لطوارئ الصحة العامة وإنشاء مراكز الاحتياطيات للمواد الوقائية على مستوى عالمي وإقليمي. تؤيد الصين إجراء تقييم شامل لسبل تعامل العالم مع الوباء بعد أن تتم السيطرة عليه عالميا، وذلك من أجل استخلاص الخبرات ومعالجة أوجه الضعف والقصور. تتطلب هذه الأعمال التمسك بالموقف العلمي والمهني ومبدأ الموضوعية والعدالة بإشراف منظمة الصحة العالمية.

خامسا، استئناف التنمية الاقتصادية والاجتماعية. يجب على الدول التي لها الإمكانية استئناف العمل والإنتاج وإعادة فتح المدارس بشكل منتظم وفقا للتوصيات المهنية لمنظمة الصحة العالمية، بشرط حسن تنفيذ الإجراءات الاحترازية الروتينية. ويجب تعزيز التنسيق للسياسات الاقتصادية الكلية الدولية، وضمان استقرار السلاسل العالمية للصناعة والإمداد وسلاستها، والعمل على إنعاش الاقتصاد العالمي.

سادسا، تعزيز التعاون الدولي. تشارك البشرية في مستقبل مشترك، إن الوحدة والتعاون هما أقوى سلاح لهزيمة الوباء، ويعد ذلك بمثابة تجربة مهمة استخلصها المجتمع الدولي في المعارك ضد الإيدز الإيبولا وانفلونزا الطيور وانفلونزاA(H1N1) وغيرها من الأوبئة الخطيرة، وكذلك طريق صحيح تسير عليه شعوب العالم في مكافحة الوباء.

السيد الرئيس!

ظلت الصين تلتزم بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، لم تتحمل مسؤولية لضمان سلامة وصحة أبناء شعبها فحسب، بل وتفي بالتزاماتها المطلوبة في مجال الصحة العامة العالمية أيضا. من أجل تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الوباء، أعلن ما يلي:

-- ستقدم الصين في السنتين المقبلتين المساعدات الدولية بقيمة ملياري دولار أمريكي، من أجل دعم الدول المتضررة من الوباء وخاصة الدول النامية لمكافحته واستئناف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

-- ستتعاون الصين مع الأمم المتحدة لإنشاء مستودع ومركز في الصين للأمم المتحدة متخصصين للاستجابة الإنسانية، سعيا إلى ضمان أمن سلسلة الإمداد للمواد الوقائية، وتسهيل إجراءات النقل والتخليص الجمركي.

-- ستقيم الصين آلية للتعاون ولتوأمة المستشفيات الصينية مع 30 مستشفى في إفريقيا، وتسرع وتيرة بناء مقر المركز الإفريقي لمكافحة الأوبئة، بما يساعد الدول الإفريقية على رفع قدرتها على الوقاية والسيطرة على الأمراض.

-- سيكون اللقاح الصيني، بعد النجاح في تطويره واستعماله، منتجا عاما للعالم، بما يقدم المساهمة الصينية في تمكين الدول النامية من استعمال اللقاح بسعر مقبول.

-- ستنفذ الصين "مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الديون للدول الأشد فقرا" مع الدول الأعضاء في مجموعة الـ20، وتحرص على بذل جهود مشتركة مع المجتمع الدولي لتعزيز الدعم للدول التي تشهد أوضاعا خطيرة وتواجه ضغوطا كبيرة للغاية جراء الوباء، بما يساعدها على تجاوز الصعوبات الحالية.

إذ أنني أدعو الجميع، لنعمل يدا بيد على حماية السلامة والصحة لشعوب العالم وحماية الكوكب الأرضي كالدار المشتركة للبشرية، وإقامة مجتمع الصحة المشتركة لها!

شكرا لكم.

المصدر: منتدى التعاون الصيني العربي