المقابلة بين السفير قونغ شياو شنغ المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط السابق وصحيفة الوطن الكويتية

الناشر:汪倩

تاريخ النشر:
2019-12-30

المقابلة بين السفير قونغ شياو شنغ المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط السابق وصحيفة الوطن الكويتية:

سعادة السفير قونغ شياو شنغ المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط السابق،

* كيف تنظرون للعلاقات القطرية الصينية، وما هي أبرز سماتها؟

-هي علاقات إستراتيجية، حيث تعد الصين مورد هام للغاز الطبيعي المسال إلى جمهورية الصين الشعبية، وهناك مصالح ثنائية مشتركة بين البلدين، كما هو الحال مع التعاون الصيني الأردني، والعراقي، والكويتي، وغيرهم من دول الخليج، وذلك يعكس أهمية الدول العربية والخليجية بالنسبة للصينيين، بما يمكن من حسن الإستغلال الأمثل للفرص الإستثمارية المتاحة لدى الجانبين، والإستفادة من بعضهما البعض، حيث يستطيع أن يكمل بعضهما الآخر، حيث أننا بحاجة إلى الطاقة والغاز من العرب، في المقابل، يمكننا أن نزودهم بالكثير من الأشياء، التي يحتاجون إليها، كالتقنية والخبرات في مجالات البنية التحتية، وبناء قواعد إنتاجية، وكذلك في المشروعات الصغيرة، فضلا عن التطورات الملحوظة بين البلدين على مستوى زخم التواصل الثقافي والإنساني والسياحي والتعليمي، وعززها اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرة الدخول لمواطني البلدين، التي عمقت التبادل والتواصل للمواطنين من الجانبين، واتاحت لهم الفرصة للسفر في أي وقت، كأكبر دلالة على المستوى الرفيع الذي وصلت إليه العلاقات القطرية – الصينية، ومواصلة تطويرها.

*ما هي أهمية التركيز على المشروعات الصغيرة في عملية التنمية؟

-لايمكن لأحد أن يغفل الأهمية الكبيرة للمشروعات الصغيرة، وما لها من دور واضح في تحقيق التنمية الاقتصادية، وكذلك إسهاماتها في حل مشكلة البطالة، ودعمها مساعدة، وتمكين للشباب، أن يخلق لنفسه طريق حياته المهنية، وهنا يمكن للصين أن تلعب دورا كبيرا من خلال عملية التزويد بالتكنولوجيا الجديدة والحديثة، التي أصبحت تمتلكها، ولها تطبيقات كثيرة، في مشروعات مختلفة، ولاسيما في منطقة قوانغتشو .

*ماذا ترى في تجربة التنمية لدولة قطر، وإلى أي مدى فيها من ملامح النموذج الصيني؟

-دعنا، نبدأ من نهاية سؤالك، ونقول إن الملامح المشتركة في التجارب التنموية، وبشكل عام، تكمن في قوة الإرادة، والتصميم على النجاح، وهذا قاسم مشترك بين القطريين والصينيين، فكلاهما، نجح في تحقيق الهدف، وأقام نهضة، ولكن الإختلاف الحقيقي في مدى القدرة على نقل هذا النموذج أو ذاك، وتطبيقه في بيئة أخرى، وعلى هذا الأساس، فإن التجربة الصينية، وبسبب خصوصيتها، وبيئتها الخاصة، فقد لا تكون قابلة بالضرورة لتناسب البيئات العربية، ومن ثم فلا جدوى من السعي لاستنساخها، في حين، أن التجربة القطرية الناجحة، لأنها من نفس البيئة العربية، فقد تكون قابلة  للتطبيق في بلد عربي، وخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي، وربما وفي شمال إفريقيا.

*في عام 2022 سوف تستضيف دولة قطر، كأس العالم، لأول مرة بالمنطقة..  كيف تنظرون إلى هذا الحدث ؟

-هو لحظة تاريخية عظيمة في حياة القطريين، لأنهم أصبحوا أول من استضافوا ونظموا بطولة كأس العالم في بلدهم على مستوى المنطقة، والشرق الأوسط، وهذا مهم جدا، وقطر بما تتمتع به من مصداقية اصبحت نموذجا في النجاح، ويجب أن تستفيد باقي الدول من تجربتها الرائدة، ونتوقع أن تحقق دولة قطر نجاحا كبيرا في تنظيم كأس العالم 2022 .

*بصفتكم المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط السابق.. ما الذي دفع الصين إلى إنشاء هذا المنصب؟

-بدأت فكرت منصب مبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط، في عام 2002،  وتزامن ذلك مع الإعلان عن مبادرة السلام العربية، حيث يبدي الجانب الصيني إهتماما كبيرا بالمنطقة، ويعرب دائما عن قلقه إزاء أي عمليات تصعيد، وبالتالي استعداد بكين الدائم، من أجل لعب دورا أكثر فعالية، من خلال دعم الجهود الدولية، سعيا لحلول دبلوماسية، وسياسية، لمختلف القضايا، لأن الخيارات العسكرية لا يمكن أن تحقق الإستقرار، والتنمية.

*ماذا كان حصاد تجربتكم كمبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط؟

-منذ تولينا مهمتنا كمبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط، في عام 2014، ونحن نعمل وفقا للرؤية الصينية، بشأن أهمية للشرق الأوسط، وتشجيع مبادرة السلام، وأذكر أنه كثيرا ما كنت أتعرض لأسئلة من قبيل، الدور الذي يمكن للصينيين أن يقوموا به، وكنت دائما أذكر لهم، أنني كمبعوث خاص للصين، لايمكن لنا أن نفعل شيئا لا يحقق المصلحة للآخرين، ولكن دورنا ينحصر بشكل رئيسي وجوهري، في مجرد تقديم العون، والمساعدة، دون إملاءات على أحد، فلا نعطي تعليمات لأحد، بأن يفعل هذا، ولا يفعل ذاك، وقد قلنا للأخوة الفلسطينيين على وجه التحديد، نحن مع ما تختارون، والإتجاه الذي تسيرون فيه، ستجدوا منا كل التأييد، وأنه لو كانت لديهم خيارات أو استراتيجيات محددة، فسوف يجدوننا في ظهرهم، وهذه هي مبادئنا التي كنا ننطلق، ومازالنا نحافظ عليها.


*من وجهة نظركم لماذا تعثرت مبادرة السلام العربية، التي تم الإعلان عنها في عام 2002 في بيروت آنذاك؟

-بحكم خبراتنا السابقة، والعمل في الحقل الدبلوماسي لأكثر من أربعة عقود زمنية، وما تراكم لدينا من تجارب، يمكننا القول إن الدول العظمى، تتحمل المسؤولية، وعليها أن تدرك أهمية السلام كخيار وطريق وحيد، لإستقرار العالم، خاصة وأن تجارب الماضي أثبتت أن هناك حروب أمتدت إلى سنوات طويلة بين كثيرا من الدول، تكبدت فيها خسائر فادحة، وأنه لا بديل عن الحوار كطريق حقيقي لتحقيق الاستقرار والتنمية، لدرجة أنه قد يستعجب البعض من دعوتنا لبعض دول المنطقة من أجل تحسين علاقاتها مع الصين، وكيف للصينيين حث الآخرين على تحسين علاقاته مع الأمريكان، لأننا فعلا دعاة حوار، وننشد السلام والإستقرار للعالم، وهذه مبادئنا التي ننطلق منها في الإنفتاح على العالم، وينسجم مع مبادرة " الحزام والطريق"، التي اطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، منذ سنوات، ووجدت أصداء طيبة من أصدقاء الصين.

*ما هي الآمال تعلقونها على إطلاق مبادرة الحزام والطريق؟

- في الحقيقة، فإن مبادرة " الحزام والطريق"، يمكن القول إنه مشروع القرن العملاق والضخم، حيث يدعو إلى إعادة إحياء "طريق الحرير" التجاري القديم، والذي كان يمتد عبر آسيا وأوروبا كحركة تجارية بين الصين، وتلك المناطق، وأنها تتعلق بفتح آفاق التعاون الدولي، الذي من شأنه أن يحقق الفائدة المشتركة للجميع، وفقا لقاعدة " رابح – رابح "، وهذا هو الهدف الصيني الأسمى والجوهري، الذي يحمل الخير للعالم .

*كيف تنظرون إلى موقف دولة قطر من مبادرة " الحزام والطريق" ؟

-دولة قطر، كانت من أوائل الذين أعلنوا دعمهم وتضامنهم مع الدعوة إلى مبادرة " الحزام والطريق "، كما أن دولة هي عضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي أسس في إطار مبادرة "الحزام والطريق" بدعوة من الصين .

*ما هو الموقف الصيني من الأزمة الخليجية؟

-لايخفى على أحد، أهمية منطقة الخليج والدول الخليجية، بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية، لأهميتها النفطية، وكمصدر رئيسي للطاقة والغاز، وكذلك لأهميتها الإستراتيجية، وتربطهما علاقات تعاون تاريخية، ومنذ أمد بعيد، بفضل طريق الحرير القديم، وقد سعى الجانبين إلى تعزيز مصالحها المشتركة، عبر الإتفاقيات التجارية، وبالتالي فإن الصينيين حريصون على أن تسود التهدئة والإستقرار في هذه المنطقة، وأن يكون هناك حل من داخل البيت الخليجي للأزمة التي نشبت بين الأشقاء الخليجيين منذ 2017، وذلك عبر طاولة الحوار السلمي، والصين في سبيل ذلك، فإنها تدعم كافة المساعي والمبادرات الرامية إلى طي الخلافات بين دول الخليج.

*حدثنا عن أهمية متدى الحوار العربي الصيني، من وجهة نظركما؟

-نعتقد أنه بعد نحو خمسة عشر عاما على تأسيس منتدى التعاون الصيني – العربي، الذي أعلن عن إنطلاقه فعليا في عام 2004، نستطيع التأكيد على أنه كان أهم الآليات في التعاون بين جمهورية الصين الشعبية، والدول العربية، وأنه مع كل إجتماع، تكون هناك إنجازات جديدة، تضاف إلى ما يتحقق من قبل على أرض الواقع من إنجازات في شتي المجالات سواء كانت التجارة أو الاقتصاد أوالسياسة أو الثقافة، لإعطاء دفعة قوية لتعميق التعاون الإستراتيجي بين الجانبين ولاسيما على الصعيد السياسي، وتنسيق المواقف المشتركة، ودعم بعضهما البعض، كما حدث منذ عدة سنوات، عندما أعلنت الدول العربية دعمها الواضح والمباشر لموقف الصين تجاه بعض القضايا الإقليمية الخاصة.

*شاركتم في منتدى الدوحة التاسع عشر، كيف تقيمون أهميته من وجهة نظركم ؟

-نعتقد أن الجميع، وليس نحن فقط، لديهم قناعة كبيرة، في أن منتدى الدوحة، أصبح مهم جدا لكل العالم، حيث يتيح الفرصة ليلتقي صناع القرار، مع أصحاب الفكر، ورواد البحث، ومراكز الدراسات، للجلوس معا، على طاولة الحوار والنقاش، للتباحث حول كثير من القضايا الهامة، التي تمس الشرق الأوسط، وتشكل هاجسا، ومثار قلق للعديد من الناس، وتحتاج لتضافر الجهود من أجل إيجاد حلول عاجلة لها، وإستشراف آفاق المستقبل .

*ما الذي يجعل الناس قلقة من المستقبل؟

-السبب في هذا، يرجع إلى وجود ضبابية في المشهد، وسوء أوضاع، مما يثير قلاقل الناس من الأوضاع الراهنة، وبالتالي خوفهم من المستقبل، وحاجتهم للتعرف على مصير القضايا المختلفة، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي تمثل أهم أولويات الدول العربية.

*ماذا عن الموقف الصيني؟

-نحن الصينيون، نعتبر أنفسنا أصدقاء للعرب، ولذلك نتقاسم معهم هموم منطقة الشرق الأوسط، ونقلق معهم على الأوضاع التي تكون مثار قلق، ونسعى معهم في البحث عن إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وعلى أسس عادلة، ووفقا للقوانين والشرائع، والمواثيق الدولية، وتضمن إعادة الحقوق لأصحابها.

*هل تعتقدون أن الصين تأخرت كثيرا في الظهور على ساحة قضايا الشرق الأوسط؟

-هناك مقولة، أن تأت متأخرا، خيرا من ألا تأت نهائيا، وربما كانت هناك إعتقاد في الماضي، أن منطقة الشرق الأوسط، هي بعيدة، وأن الصين بمنأى عما يحدث فيها، إلا أنه اتضح بعد ذلك، أنها جوار إقليمي، وأن الجميع، بما فيهم الصينيين، يتأثرون بالأوضاع الجارية في هذه المنطقة، خاصة وأنها مصدر الإمداد بالطاقة، والغاز الطبيعي المسال، الذي هو العمود الفقري، وعصب الصناعة، وما يحدث يكون له تداعياته السريعة على الإقتصاد الصيني، ولهذا كان لابد من الإهتمام والتعاون مع الجميع، للبحث عن حلول للمشاكل والأزمات.


*تحدثتم عن أهمية المنتدى كمنصة ؟

-من وجهة نظرنا، أن جوهر أهمية ذلك، يكمن في أن الحديث يكون مباشر بين الجميع، بحيث يستطيع كل طرف الإستماع لأفكار الآخر، ورؤيته، دون أي تأويلات، قد ينحرف بالمعنى عن مساره المقصود، أو تزييف للحقائق، الذي كثيرا ما يحدث، بسبب الإعتماد بشكل كبير على وسائل الإعلام الغربية، في إستقاء المعلومات والأخبار عن بعضنا البعض، ولاسيما بين الجانبين العربي والصيني، ولذلك فإن منتدى الدوحة السنوي، وجد حل لهذه الإشكالية، وهذا بدوره يخدم العلاقات العربية الصينية، على وجه الخصوص، كما هو الحال مع الآخرين، إذ من الأفضل دائما الحوارات المباشرة، وتبادل الأفكار بين بعضنا البعض، من أجل البحث عن حلول للقضايا والمشاكل التي تهم الجميع، وخلق شراكات تحقق المصالح الجماعية.