اختُتِمَ أعماله مؤخراً منتدى “الحزام والطريق الثاني”، والذي يُعتبر منارة للتعاون التجاري الدولي، بخاصةً للدول النامية، لِمَا فيه من فرصٍ تعاونية واستثمارية واستدامة للاقتصاد العالمي.
تكمن أهمية هذا المنتدى في إعادة إحياء واحدة من أهم “الكتل الاقتصادية”، والتي تربط الصين بالعالم مروراً بشُركائِها على طرق التجارة المفترض. وهنالك نقطة أخرى تجعل هذا المنتدى أولوية لأية دولة وهي “الحرب التجارية” الحالية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية من طرف، وتقويض قوة المنظمة العالمية للتجارة من طرف آخر من قِبل أمريكا، وذلك بفرض ضرائب على أعضاء في المنظمة، بالإضافة الى إعادة التفاوض أو تخفيض واردات دول عدة منها كندا والمكسيك ودول أوروبية وانسحابها من اتفاقيات تجارية، مما أضر بالتنافس العادل للاقتصاد العالمي.
أمّا بالنسبة للصين فقد خلق التخبّط أو التعنّت الأمريكي في السياسة الخارجية ـ التجارية والسياسية ـ “فرصة ذهبية” لها لقيادة الاقتصاد العالمي, فخطاب الرئيس “شي جين بينغ” بالمنتدى وضّح بأن الصين بصدَد فتح مجالات جديدة للاستثمارات الأجنبية، وايجاد تشريعات جديدة لضمان تطبيق قانون الاستثمار الأجنبي, بالإضافة الى إطلاق مناطق حرة تجريبية, مما يجعل دخول رأس المال الأجنبي إليها أسهل وبضمانة أعلى. كما أن استقرار “مبادرة الحزام والطريق” ودخولها عامها السادس بمزيدٍ من الانجازات والشرَّاكات يجعلها الوجهة المفضّلة للدول التي تبحث عن خيار الشَّراكة بدلاً من التبعية، فوجود حزمة من المساعدات والقروض الميسّرة لإيجاد بُنية تحتيّة تخدم الفكرة الأساسية للمبادرة، يُساعد هذه الدول على ايجاد الاستدامة لاقتصاداتها وتكاملها مع هذه المبادرة، بالإضافة الى عدم التدخّل الصيني في شؤون الدول الأخرى. ويبدو أن ظلال الأزمة الأمريكية – الصينية قد أثّرت على الحضور للدول العربية، إذ كان التمثيل “عالي المستوى” في المُنتدى المذكور محدوداً مقارنة بالعام الماضي، وبرغم ذلك، فقد تألّق في المنتدى وبرز في فعالياته وفي الإعلام الصيني كل من رئيس جمهورية مصر العربية، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس جمهورية جيبوتي إذ أنهم يعتبرون أن المبادرة جوهرية لبلدانهم، والمُلاحظ أن وسائل الإعلام والفضائيات الصينية، ومن بينها الصينية – العربية، قد أبرزت هذه البلدان الثلاثة وقضاياها، يومياتها وآمالها وطموحاتها.
في النهاية, يُعد نجاح المنتدى – الذي قاطعه “العم سام” – مؤشراً على نجاح الرؤية والاستراتيجية الصينية في كسب شراكات وتوسِعة مبادرتها عالمياً, فقد تم توقيع إتفاقيات بقيمة (64) مليار دولار أمريكي، وحضور (37) من رؤساء العالم، وتمثيلاً دولياً واسعاً, في الوقت الذي تخسر فيه الولايات المتحدة شركاءها من خلال تدخلها بالنزاعات بشكل “غير عادل”، كحربها التجارية، وصفقة القرن، وتدخلاتها في قارة أمريكا اللاتينية، وانسحابها من الاتفاقية النووية، وإيضا اتفاقية المناخ وغيرها, وأصبح سؤال مَن يتابع الشأن الأمريكي هو: “أي مصيبة يُحضّرها الكاوبوي الأمريكي؟”.
المصدر: موقع الصين بعيون عربية