"المغزى العالمي لبناء "الحزام والطريق

الناشر:李雪婷

تاريخ النشر:
2019-04-24

مبادرة "الحزام والطريق"، التي طرحها الرئيس الصيني شي جبن بينغ قبل حوالي ست سنوات، تحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي وتلقى استجابة إيجابية من قبل الدول المعنية. حتى الآن، وقعت 126 دولة ومنطقة و29 منظمة دولية على وثائق التعاون مع الصين في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق". ورغم ذلك، ثمة أصوات من وسائل إعلامية ومؤسسات فكرية ومنظمات غير حكومية في بعض الدول، تشكك في هذه المبادرة، بزعم ما يسمى بـ"نظرية فخ الديون" و"النظرية الجيوسياسية" وغير ذلك من الكلام والاتهامات السلبية غير المنطقية التي لا أساس لها من الصحة. وبجانب ذلك، توظف هذه الجهات حساسية شعوب الدول المشاركة في بناء "الحزام والطريق تجاه بعض القضايا المعنية حول السيادة وموارد الطاقة وموارد الدولة من أجل تشويه المبادرة. ولكن في الحقيقة وبالتجربة العملية، تجلب إنجازات "الحزام والطريق" السعادة لشعوب الدول المعنية، ويدرك المزيد من الشعوب أن مبادرة "الحزام والطريق" ليست "فخ الديون" بل هي "كعكة" تسعد جميع الشعوب؛ وليست "أداة جيوسياسية" بل هي فرصة مشتركة للتنمية.

"الحزام والطريق" قوة محركة جديدة للنمو الاقتصادي العالمي

تماشيا مع المتطلبات الداخلية لإصلاح نظام الحوكمة العالمية، فإن مبادرة "الحزام والطريق" تقدم طريقا جديدا لتحسين آلية الحوكمة العالمية وترفد القوة المحركة الجديدة للنمو الاقتصادي العالمي، بنمط أكثر انفتاحا وشمولا للتعاون الاقتصادي العالمي.

منذ طرح بناء "الحزام والطريق"، أصبح "صنع في الصين" أكثر شعبية ورواجا في المزيد من دول العالم، كما استوردت الصين المزيد من السلع من الدول المشاركة في المبادرة. ومع التطور الجياش للقطارات السريعة بين الصين وأوروبا والتجارة الإلكترونية على طريق الحرير، وإقامة الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد بشكل ناجح، تم تطوير وإطلاق الإمكانيات التجارية للدول المشاركة. من عام 2013 إلى عام 2018، ارتفع حجم التجارة السلعية بين الصين والدول المشاركة من 04ر1 تريليون دولار أمريكي إلى 27ر1 تريليون دولار أمريكي، وازدادت نسبة حجمها من 25% إلى 4ر27% من إجمالي حجم التجارة السلعية للصين. وإذا اتخذنا فيتنام ومصر مثالين، فإنه حسب إحصاءات الأمم المتحدة حول التجارة السلعية، من عام 2013 إلى عام 2017، ازداد حجم صادرات السلع من فيتنام إلى الصين بنسبة 28% سنويا، وتجاوز ضعف المعدل العام لنمو صادرات فيتنام؛ وازداد حجم صادرات السلع من مصر إلى الصين بنسبة 5% سنويا، وفي نفس الفترة، كان معدل نمو صادرات مصر تحت الصفر. ازداد نصيب الصين من صادرات فيتنام بنسبة 5ر6% ومن صادرات مصر بنسبة 7ر0%، وهذا يعني أن الصين تلعب دورا إيجابيا في دفع مستوى التصدير في هذين البلدين.

مبادرة "الحزام والطريق" تقدم منتجات عامة لتنمية الاقتصاد العالمي. فقد دعت وأنشأت الصين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، بجانب إنشاء صندوق طريق الحرير وصندوق الدعم للتعاون بين دول الجنوب، وتقدم دعما بالأموال للدول والمناطق المعنية. حاليا، بلغ إجمالي عدد الأعضاء في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية 93، ووصل حجم الاستثمار المتراكم للمشروعات التي تمت الموافقة عليها 5ر7 مليارات دولار أمريكي؛ وتم توقيع 28 مشروعا في إطار صندوق طريق الحرير، والتعهد باستثمار حوالي 11 مليار دولار أمريكي في مشروعات مختلفة. وفي الوقت نفسه، مبادرة "الحزام والطريق" تجذب المزيد من الدول والموارد لبناء المنتجات العامة عن طريق التعاون مع طرف ثالث، مما يشكل هيكلا جديدا إقليميا أو بين المناطق لتقديم المنتجات العامة على امتداد منطقة "الحزام والطريق".

في عملية البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"، تقدم الصين حكمتها وخبراتها في القضايا الدولية والإقليمية بنشاط. وفيما يتعلق بحفظ السلام، فإن الصين هي الدولة التي تشارك بأكبر عدد من قوات حفظ السلام، من بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وثاني أكبر دولة بينها تقدم دعما ماليا لعملية حفظ السلام. وعلى صعيد مكافحة الفقر، شاركت الصين بنشاط في خطة تخفيف حدة الفقر في دول أفريقيا وفي نشاطات التعاون النموذجية لتخفيف حدة الفقر مع دول شرقي آسيا وغيرها.

"الحزام والطريق" يدفع الازدهار المشترك لدول العالم

التنمية هي مفتاح حل كل المشكلات. ظل هذا الموضوع في بؤرة اهتمام الصين خلال السنوات الست الماضية تقريبا، فالصين تعمق التعاون بنشاط مع الدول المعنية في المنشآت التحتية والطاقة والموارد والصناعات، وتدفع إطلاق إمكانيات الدول في التنمية، مما يساعد في تحقيق الازدهار المشترك.

يعد ربط منشآت البنية التحتية مجالا ذا أولوية لمبادرة "الحزام والطريق". إن مشروعات المنشآت التحتية التي ساهمت الصين في تنفيذها، تخفف اختناقات المواصلات في الدول المعنية، وترفع قدرتها على إمداد الطاقة وتحسين مستوى تطوير المعلومات، مما يساعد الدول المعنية على تعزيز تنميتها. في جيبوتي، على سبيل المثال، تبلغ قدرة معالجة البضائع لميناء دوراليه المتعدد الوظائف، الذي بنته الصين وجيبوتي معا، 08ر7 ملايين طن في السنة، ويتسع لمائتي ألف حاوية قياسية وسفينة تبلغ حمولتها مائة ألف طن. فإذا أخذنا، كمثال، سفينة محملة بخمسين ألف طن من الأغذية، فإن فعالية التحميل والتفريغ ترتفع من 8ر2 ألف طن كل يوم إلى عشرة آلاف طن يوميا، مما يضع الأساس لجعل جيبوتي محور نقل جديدا لخليج عدن في المستقبل. وفي كمبوديا، بدأت الوحدة رقم 5 لمحطة توليد الكهرباء على المستوى الثاني لنهر سانغخه- أطول سد في آسيا- توليد الكهرباء رسميا، ووصلت طاقة الإنتاج إلى 20% من إجمالي طاقة إنتاج الطاقة الكهربائية في كمبوديا. وفي فيتنام والفلبين، فإن آلية تنبؤات وتحذيرات الأقمار الاصطناعية التي أطلقتها الصين للعملاء الدوليين، ساعدت هذين البلدين في الوقاية من الكوارث وتخفيف آثارها، وقدمت ضمانا قويا لهما عند وصول إعصاري "مانغوستين" و"يوتو".

التعاون في مجال الاستثمار محتوى هام في بناء "الحزام والطريق". من عام 2013 إلى عام 2018، تجاوز الاستثمار المباشر غير المالي من الشركات الصينية في الدول المشاركة في بناء "الحزام والطريق" 90 مليار دولار أمريكي، بزيادة بلغت نسبتها 2ر6% سنويا. باعتبارها حاملا هاما للبناء المشترك لـ"الحزام والطريق"، ساهمت الشركات الصينية في دفع إنشاء 82 منطقة للتعاون الاقتصادي والتجاري في الخارج في 24 دولة معنية، وتجاوز حجم استثمارها المتراكم 48ر36 مليار دولار أمريكي، ودخلت أكثر من أربعة آلاف شركة هذه المناطق، سلّمت حوالي 4ر2 مليار دولار أمريكي من الضرائب للدول المضيفة، ووفرت 265 ألف وظيفة للسكان المحليين. أصبح الاستثمار الخارجي الصيني محركا قويا لنمو الاستثمار المباشر الخارجي.

تقوم الصين بالتعاون الصناعي مع الدول المعنية في مجالات الأجهزة المنزلية والمنسوجات والكيماويات والسيارات والمواد الجديدة وغيرها، وتلعب دورا إيجابيا في مساعدة الدول المعنية في ملأ فراغ الصناعات ودفع تطور الصناعات المعنية وتحقيق التصنيع. في بيلاروسيا، قبل تشغيل مصنع جيلي لعربات المسافرين التي تستخدم في تصنيعها قطع غيار من إنتاج شركة صينية وبيلاروسية، كان بإمكان بيلاروسيا إنتاج شاحنات ومركبات زراعية فقط. أثنى رئيس بيلاروسيا الكسندر لوكاشينكو على إنشاء هذا المصنع قائلا إنه ملأ فراغ صناعة عربات المسافرين في بيلاروسيا. وفي روسيا، استثمرت الصين وروسيا 68 ألف هكتار من الأرض المزروعة، أنشئت فيها تسع حدائق زراعية وأربع عشرة منطقة للزراعة، تبلغ فيها الميكنة الزراعية 100%. وفي بيرو، تقوم شركة صينية بمشروع استثمار منجم نفايات، أي استعادة العناصر القيمة مثل النحاس والزنك والحديد فيها، وهو أول مشروع لإعادة تدوير الموارد في بيرو، يلعب دورا هاما في إعادة استخدام النفايات وحماية البيئة.

تهتم الصين برفع مستوى التوظيف والتقنية والإدارة المحلية في عملية بناء "الحزام والطريق". مشروع السكك الحديدية بين مومباسا ونيروبي وفر 46 ألف وظيفة في كينيا. وفي نهاية عام 2017، بلغ عدد الموظفين الكينيين في شركة إدارة المشروع 1348 شخصا، يشكلون 72% من إجمالي عدد موظفي الشركة. وسوف يصل هذا المعدل إلى 90% بحلول عام 2027. وفي أوغندا، أنشأ أربعة مهندسين صينيين معهدا للتدريب النفطي باسم "إبداع الشمس"، يمنح كل خريجيه المتخصصين في اللحام شهادة دولية، وقد بلغ معدل توظيفهم 100%، وتجاوز مستوى دخلهم 3ر2 ضعف مقارنة مع نظرائهم المحليين. يوليوس، خريج هذا المعهد، حصل على لقب مجموعة اللحام في مسابقة المهارات بأوغندا والمركز الثاني في التحدي الفني لأفريقيا، وسوف يسافر إلى روسيا للمشاركة في الدورة الخامسة والأربعين لمسابقة المهارات الدولية كممثل عن قارة أفريقيا في أغسطس عام 2019. أنشأ الخريجان سام ونيك أويشي إيزو ورشة لحام في مسقط رأسهما، ووظفا العديد من المحليين لإنتاج المنتجات الفنية الحديدية.

حياة خضراء وسعيدة مع "الحزام والطريق"

في عملية البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" مع الدول المعنية، تهتم الصين بتعزيز التعاون في مجال حماية البيئة، وتدفع تطبيق مفهوم "الكربون المنخفض" وحماية البيئة والنمو الأخضر، والتقدم في طريق النمو الأخضر.

تسعى الشركات الصينية لاستخدام تكنولوجيا الإنتاج النظيفة في بناء "الحزام والطريق". في جنوب أفريقيا، مصنع إسمنت مامبا الذي بني باستثمار إحدى الشركات الصينية، يستخدم تقنيات متقدمة لمعالجة مياه الصرف وتوليد الطاقة من النفايات، مما يوفر 40% من الطاقة الكهربائية، ويقل معدل استهلاك الطاقة في هذا المصنع كثيرا عن متوسط استهلاك الطاقة في الصناعات المماثلة في جنوب أفريقيا. وفي إثيوبيا، المختبر المشترك لصناعة الجلود الذي دعمت بناءه الصين، يستخدم ثلاث تقنيات إنتاج وتقنية معالجة مياه الصرف، وهي تقنيات ذات ملكية فكرية مستقلة صينية. إن تكنولوجيا إعادة تدوير الدباغة بالكروم تستطيع خفض أكثر من 99% من انبعاثات المعادن الثقيلة، وتوفير 25% من كمية المستحضرات الكيمائية للدباغة بالكروم في آن واحد. إن هذه التقنيات تساعد في خفض النفقات بأكثر من 20 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات)، الأمر الذي لا يسهم في خفض تلوث البيئة ويزيد الفوائد فحسب، وإنما أيضا يملأ الفراغ في هذا المجال في أثيوبيا وحتى في أفريقيا.

تولي الشركات الصينية اهتماما بالغا بحماية الحيوانات البرية المحلية. مشروع السكك الحديدية بين مومباسا ونيروبي يمر عبر أكبر منطقة لحماية الحيوانات البرية في كينيا- حديقة تسافو الوطنية (Tsavo National Park)، ومن أجل حماية البيئة المحلية، تتخذ الشركات الصينية إجراءات معنية في هذا الصدد. أولا، تم وضع أربعة عشر ممر حيوانات وستمائة بربخ عبور و61 جسرا، من أجل ضمان عملية الانتقال الطبيعي للحيوانات الكبيرة الجسم، مثل الزرافة. ثانيا، تهتم بتفاصيل العمل، فهذه الشركات لا تعمل أثناء الليل، وتضع معدات عازلة للصوت وتحظر منبهات الصوت السيارات. ثالثا، تضع الشركات خطة طوارئ لإنقاذ الحيوانات، وتقوم بالإنقاذ في الحال عندما تواجه الحيوانات البرية أي خطر، لتفادي التدخل في الحياة الطبيعية للحيوانات البرية.

تساعد الصين الدول المعنية بنشاط في رفع قدرتها على الوقاية من الكوارث والتخفيف من آثارها. حاليا، أتمت الصين دعم زمبابوي وكينيا وغيرها من سبع دول أفريقية في بناء مرافق الأرصاد الجوية، بما فيها 42 محطة رصد جوي آلي و100 نظام لمراقبة الطقس، وغيرها. بجانب ذلك، أرسلت الصين أكثر من 90 خبيرا في الأرصاد الجوية لتقديم المساعدة في بناء مشروعات في أفريقيا، وأعدت 720 مدربا أفريقيا، يساعدون دولهم في مجال الأرصاد الجوية من أجل الوقاية من الكوارث والتخفيف من حدتها والتصدي للتغيرات الجوية. وأعدت الصين، من خلال المساعدات التقنية، خططا لمنع الفيضانات في بنغلاديش، وتوجيهها في بناء نظم هندسية للوقاية من الفيضانات وبناء نظم غير هندسية، وساهمت في تحسين إدارة موارد المياه ومقاومة الفيضانات في بنغلاديش.

خلال السنوات الست الماضية تقريبا، ساهمت مبادرة "الحزام والطريق" في رسم صورة عظيمة ومزدهرة، وهي تقف حاليا عند بداية جديدة وسوف تفتح فصلا جديدا في مسيرتها. وفي المستقبل، سوف يتحول بناء "الحزام والطريق" إلى مستوى أعلى جودة، وسوف يتم بذل المزيد من الجهود في بناء التوافق وتشكيل المزيد من النتائج الملموسة، وإسعاد المزيد من الدول والشعوب، وزيادة جاذبية بناء "الحزام والطريق".

  --

قو شيويه مينغ: رئيس معهد التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي في وزارة التجارة الصينية.

المصدر: الصين اليوم