الصين تحتفل بالذكرى الأربعين للانفتاح الذي أوصلها إلى مرتبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم

الناشر:马小东

تاريخ النشر:
2018-12-20


صورة مكبرة لدينغ شياو بينغ رائد الإصلاحات الاقتصادية في 1978 في منتزه في وسط العاصمة بكين

بكين – وكالات: تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ بأن تكون بلاده أكثر انفتاحا تجاه دول العالم، وأشاد بالسياسات الاقتصادية التاريخية التي حولت الصين من إحدى أفقر الدول في العالم إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.وجاء ذلك في خطاب شامل ألقاه أمس الثلاثاء في مؤتمر للاحتفال بالذكرى الأربعين «للإصلاح والانفتاح»، وهو المصطلح الذي يصف السياسات التي أطلقها الزعيم الشيوعي السابق دينغ شياو بينغ في ديسمبر/كانون ألاول عام1978، والتي شكلت عناصر اقتصاد السوق في الصين مع الاحتفاظ بحكم الحزب الواحد.
 وقد اشتهر دينغ شياو بينغ بسعيه لانفتاح الصين على الاستثمارات الأجنبية وإخراج البلاد من دائرة الفقر المدقع الذي أحدثته السياسات السابقة للرئيس ماو تسي تونغ.
 وقال الرئيس الصيني في المؤتمر «الرفيق دينغ أشار إلى أن الفقر ليس الاشتراكية» واصفا الانفتاح والاصلاح « بالصفة الواضحة والمهمة الأكثر تميزا في الصين العصرية».
وعلى الرغم من أن الحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية تلقى بظلالها على الاقتصاد الصيني، إلا أن جينبينغ كرر تعهداته بمزيد من الانفتاح الاقتصادي، وقال» لقد قمنا بانتقال تاريخي من اقتصاد مغلق وشبه مغلق إلى اقتصاد منفتح بصورة كاملة».

 لا أحد يملي علينا

 مع ذلك، أشار إلى أنه «لا يوجد شخص في موقف يسمح له أن يملى على الشعب الصيني ما يجب أو يفعله أو لا يفعله»، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
 وتتهم الولايات المتحدة الصين بارتكاب ممارسات تجارية غير عادلة، وقامت بفرض رسوم على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار، وردت الصين بالمثل وفرضت رسوما على بضائع أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار.
 وقد أدت الرسوم بالفعل لتباطؤ الاقتصاد الصيني، ومن المتوقع أن تؤثر على نمو الاقتصاد العالمي. وكان جينبينغ ودونالد ترامب قد توصلا مطلع هذا الشهر إلى هدنة لمدة 90 يوما، مما يتيح لمسؤولي الدولتين التفاوض بشأن تسوية دائمة.
وقامت الصين الأسبوع الماضي بوقف تنفيذ فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على السيارات الأمريكية، بعدما تم فرضها في وقت سابق من هذا العام. ولكن جينبينغ لم يشر في كلمته في قاعة الشعب الكبرى، إلى الحرب التجارية مع الولايات المتحدة بصورة مباشرة أو أعلن عن سياسات جديدة، وبدلا من ذلك، أشاد برحلة بلاده للخروج من دائرة الفقر. وأوضح أنه منذ 40 عاما، كانت تساهم الصين بنسبة 1.8% فقط في إجمالي الناتج المحلي العالمي، والآن ارتفعت النسبة إلى 15.2%. وقال ان سياسة الانفتاح الاقتصادي المطبقة منذ العام 1978 أدت إلى خروج مئات ملايين المواطنين من وطاة الفقر      وحوّلت الصين إلى ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
 لكن الصين تواجه الآن دينا كبيرا متراكما واقتصادا متباطئا. وقد سجل اقتصادها نموا نسبته 6.9 في المئة اعلام الماضي فيما تتوقع الحكومة أن ينمو بواقع 6.5 في المئة هذا العام.
 وقد انهت إصلاحات دينغ شياو بينغ سنوات من السياسات الثورية لسلفه مؤسس الصين الشعبية ماو تسي تونغ. لكن التحول الاقتصادي لم يؤد إلى تغييرات في النظام السياسي الخاضع لسيطرة الحزب الشيوعي.

 الاصلاحات عززت دور الحزب

 وقال وو تشيانغ، المحلل السياسي الموجود في بكين، ان «الاصلاح والانفتاح سمحا للحزب الشيوعي بالحفاظ على ديكتاتوريته وسمحا له بالحفاظ على حكمه من الانهيار بعد الحرب الباردة». وأضاف «أعتقد أن الصين الآن هي دولة رأسمالية في ظل ديكتاتورية الحزب الواحد أو رأسمالية يديرها حزب واحد.»
 وقال المحلل وو ان الحرب التجارية قد تكون فرصة للصين من أجل إدخال المزيد من التغييرات. وأضاف «اذا كان الحزب الشيوعي يتمتع بالذكاء الكافي، فقد يحول (اللحظة) إلى نقطة انطلاق لعملية إصلاح ثانية والانفتاح وتغيير دور الحزب والدولة». وحين أدخل الحزب الإصلاحات في ظل دينغ، كانت الصين لا تزال تعاني من المجاعة وكانت تخرج للتو من الثورة الثقافية، وهي فترة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية الشديدة الناتجة عن تطبيق أفكار ماو. وبدأت هذه «الثورة» الجديدة في الريف، لكنها سرعان ما امتدت إلى المدن. ومع قلقه من وجود قاعدة معارضة قوية في شنغهاي القوية اقتصاديا، اختار دينغ أقصى جنوب البلاد لإطلاق إصلاحاته.

تكريم مليارديرات

واختيرت المدن الجنوبية بما فيها مدينة شينجين الواقعة على الحدود مع هونغ كونغ التي كانت لا تزال قرى لصيد الأسماك، لتكون أولى المناطق الاقتصادية الخاصة بالصين التي سرعان ما أصبحت مراكز قوة ونماذج لبقية البلاد. وقد اصبحت شينجين مركزا عالميا للتكنولوجيا اختارت شركة «تينسنت» الصينية العملاقة للإنترنت وشركة «تيتان هواووى» للاتصالات أن يكون مقرا لهما.
من جهة ثانية كرّم الحزب الشيوعي الصيني أمس110 أشخاص من بينهم أغنى رجل صيني جاك ما وأسطورة كرة السلة يو مينغ وشخصيات أجنبية أخرى «لدورهم البارز» في النهضة الاقتصادية للبلاد. ومنح الرئيس الصيني هذه الشخصيات أوسمة في الاحتفال ب ذكرى الإصلاحات الاقتصادية. وأصبحت هذه الشخصيات المكرمة في مرتبة واحدة مع أول امرأة صينية حائزة على جائزة نوبل وقادة عسكريين وكبار رموز الحزب الشيوعي الحاكم. وكشف الإعلام الرسمي الشهر الفائت أن جاك ما، مؤسس موقع «علي بابا» للتجارة الالكترونية وأشهر رجل أعمال صيني، عضو في الحزب الشيوعي.
وقد انضم له على منصة التكريم الملياردير بوني ما مؤسس مجموعة الانترنت المعلاقة «تينسنت»، وروبن لي المدير التنفيذي لموقع البحث العملاق «بايدو»، إلا أنّ الثنائي لم يعلن أبدا أنهما عضوان في الحزب الشيوعي.
وأصبح ياو، اللاعب السابق لفريق هيوستن روكتس والبالغ طوله 2.29 متر، رجل أعمال وهو عضو في المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني. ومنح الحزب أوسمة «صداقة الإصلاح» لعشر شخصيات، من بينهم الاقتصادي الألماني كلاوس شواب مؤسس «منتدى دافوس الاقتصادي» الذي يضم سنويا قادة حكومات العالم ورجال الأعمال، حيث ألقى شي خطابا للدفاع عن العولمة العام الفائت.
كما منحت ميداليتان لشخصين فارقا الحياة، هما رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خوان انطونيو سمارانش الذي دعم حصول بكين على تنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية العام 2008، ورئيس الوزراء الياباني الأسبق ماسايوشي أوهيرا الذي دعم تطبيع العلاقات بين الصين واليابان في سبعينات القرن الفائت.
وتضمنت الشخصيات الصينية المكرّمة علماء ومستثمرين وأكاديميين. ومن ضمن المكرّمين تو يويو الحائز جائزة نوبل لتطويره دواءا ضد الملاريا، ويوان لونغبينغ الملقب أبو الأرز الهجين.
وشهد الحفل أيضا تكريم كوادر صغيرة في الحزب قضت عقودا تعمل في الأرياف أو المصانع المملوكة للدولة.
كما تضمنت اولئك الذين تحدوا الأعراف في الايام الأولى للإصلاحات. فتم تكريم ممثل لمجموعة من المزارعين في أقليم انهوي الذين تضامنوا معا للانقلاب على نظام الزراعة الجماعي في عهد ماو.

المصدر:القدس.