بكين 6 أغسطس 2023 (شينخوا) روجت الولايات المتحدة من خلال العديد من مسؤوليها وشركاتها المتخصصة في الأمن السيبراني معلومات كاذبة حول قيام "قراصنة من الصين" بالتسلل إلى شبكات حاسوبية تابعة للحكومة الأمريكية ووصولهم إلى حسابات بريد الكتروني مرتبطة بمسؤولين.
وتعد هذه الموجة الجديدة من محاولات تشويه سمعة الصين وإذكاء الجدل بمثابة تذكير صارخ بتاريخ أمريكا المريب في هذا المجال.
--القراصنة الحقيقيون
في الشهر الماضي، كشف مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) وليام بيرنز أن وكالته تعمل بنشاط لإعادة بناء شبكة التجسس في الصين و"أحرزت بعض التقدم" في هذا المجال.
يا له من أمر مثير للسخرية! بينما تنتقد الولايات المتحدة الصين بسبب الهجمات الإلكترونية، فإنها تُظهر افتقارها لمبدأ المساءلة بعدم إخفاء تورطها في أنشطة تجسسية داخل الصين، وهو ما يفضح المعايير المزدوجة المعتادة من قبل واشنطن منذ سنوات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "إن الأمريكيين نشروا مرارا معلومات كاذبة حول ما يسمى بالتجسس الصيني والهجمات الإلكترونية بينما اعترفوا بشكل مفضوح بأنهم ينفذون أنشطة استخباراتية واسعة النطاق ضد الصين. هذه الحقيقة تتحدث عن مجلدات في حد ذاتها".
وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين في مؤتمر صحفي آخر ردا على سؤال بشأن تقارير الولايات المتحدة عن اختراق الشبكات، قائلا "يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن وصم الصين بتصنيفات مزيفة".
وأضاف "لقد تبادلنا الحقائق ذات الصلة مع المجتمع الدولي في مناسبات عديدة. الصين هي أكبر ضحية للهجمات الإلكترونية".
وفي عام 2022، وقعت جامعة نورث وسترن بوليتكنيكال الصينية ضحية لهجوم إلكتروني من الخارج. وبعد التحليل والتتبع الذي أجراه الفريق المشترك للمركز الوطني للاستجابة لحالات طوارئ فيروسات الكمبيوتر في الصين وشركة 360 توتال سيكوريتي، أشارت جميع الأدلة إلى وقوف وحدة الحرب الإلكترونية التابعة لوكالة الأمن القومي الأمريكية، مكتب تيلورد أكسيس اوبيريشنز، وراء الهجوم.
وأظهر التحقيق أن الولايات المتحدة استخدمت 41 سلاحا إلكترونيا متخصصا لإطلاق عمليات سرقة إلكترونية أكثر من ألف مرة ضد الجامعة وسرقة بيانات فنية أساسية.
وتعتبر الصين أحد الأهداف الرئيسة للهجمات الإلكترونية الأمريكية وما ذكر أعلاه ليس سوى غيض من فيض.
ووفقا لتقرير صدر في عام 2021 من قبل المركز الوطني للاستجابة لحالات طوارئ فيروسات الكمبيوتر في الصين، فإنه تم اكتشاف أكثر من 42 مليون هجوم خبيث في الصين في عام 2020، وشكل عدد هجمات البرامج الضارة القادمة من الولايات المتحدة 53.1 بالمئة من جميع الهجمات الأجنبية.
--متورطة من "ساسها لراسها"
لقد اشتهرت الولايات المتحدة منذ وقت طويل بأنها "إمبراطورية من القراصنة" في ضوء حالات التجسس العديدة التي استهدفت الدول الأخرى.
في عام 2013، خرج إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة المخابرات المركزية، ومعه مجموعة كبيرة من الوثائق السرية، وكشف للصحافة تفاصيل واسعة النطاق عن تجسس مجتمع الاستخبارات الأمريكي على اتصالات الهاتف والانترنت.
ومع اتساع نطاق الفضيحة، كشفت العديد من المنافذ الإخبارية أن وكالة الأمن القومي وصلت مباشرة إلى خوادم شركات الإنترنت لتتبع الاتصالات الالكترونية في برنامج مراقبة يعرف باسم "بريزم".
وحسب تقرير نشرته مجلة ((دير شبيغل)) الألمانية في عام 2014، فإن وكالة الأمن القومي تجسست على ما يصل إلى 122 رئيس دولة أجنبية في عام 2009، وأدرجتهم أبجديا حسب أسمائهم الأولى.
وفي كتابه "لا مكان للاختباء"، كشف الصحفي غلين غرينوالد أن وحدة واحدة تابعة لوكالة الأمن القومي جمعت أكثر من 97 مليار بريد إلكتروني و124 مليار مكالمة هاتفية من جميع أنحاء العالم في 30 يوما فقط في عام 2013.
والأدهى أن الوضع ظل دون تغيير مع مرور الوقت. وفي 7 مارس عام 2017، كشفت موسوعة ويكيليكس عن 8716 وثيقة سرية لمركز الاستخبارات الإلكترونية التابع لوكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه) أظهرت أساليب الهجوم المستخدمة من قبل فرق عمليات شبكة وكالة المخابرات المركزية والأسماء الشفرية للعمليات والتفاصيل الفنية لأدوات القرصنة.
ويصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لتسريبات سنودن. وعلى الرغم من التأثير الكبير لتلك الفضيحة، فليس من المستغرب استمرار التجسس الأمريكي على مر السنين، وبات البنتاغون في دائرة الضوء هذه المرة.
وفي أبريل، تم تسريب مجموعة من الوثائق السرية للغاية من الوزارة عبر الإنترنت في خرق أمني واضح تضمن بيانات في غاية السرية تتعلق بأصدقاء أمريكا، بما في ذلك أوكرانيا وكوريا الجنوبية وإسرائيل.
وأصبح التسريب عن مثل هذه الأنشطة أمرا شائعا على نحو متزايد في السنوات الأخيرة، وتؤكد التسريبات الأخيرة للوثائق أنشطة واشنطن التجسسية الواسعة على الحلفاء والأعداء على حد سواء.
وجاء في مقال نشرته مجلة ((تايم)) الأمريكية أن "التجسس عادة متأصلة جدا في تاريخ الولايات المتحدة".
وفي 4 مايو، صدر تقرير بعنوان "إمبراطورية القرصنة: وكالة المخابرات المركزية الأمريكية"، يلقي الضوء على استخدام واشنطن للقرصنة لدعم أنشطتها التجسسية وهجماتها الإلكترونية العالمية. وكشف التقرير عن أسلحة استخدمتها وكالة المخابرات المركزية في الهجمات الإلكترونية وتفاصيل عن حالات خرق محددة للأمن السيبراني في الصين ودول أخرى.
وقدم التطور السريع للإنترنت هذا القرن فرصا جديدة لوكالة المخابرات المركزية لإجراء عمليات التسلل والتخريب وإثارة المشاكل، وفقا للتقرير الذي أصدره المركز الوطني للاستجابة لحالات طوارئ فيروسات الكمبيوتر في الصين وشركة 360 توتال سيكوريتي.
وشاركت وكالة المخابرات المركزية في الإطاحة أو محاولة الإطاحة بأكثر من 50 حكومة شرعية في بلدان أخرى، غير أنها اعترفت بالتورط في 7 فقط، حسبما ذكر التقرير.
واعترف مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي ومدير وكالة المخابرات المركزية الأسبق في تكساس في عام 2019، قائلا: "لقد كذبنا وخدعنا وسرقنا"، وهي على الأرجح الجملة الأكثر صدقا في حياته المهنية.
والآن قد آن الآوان لتحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن أفعالها.