حكاية الأصدقاء اليمن الأوفياء

الناشر:汪倩

تاريخ النشر:
2023-04-04

 أولا: الصين في ذاكرة التاريخ والثقافة الإنسانية عامة

1_في التاريخ والثقافة الإنسانية.

  من الصعب -ان لم يكن من الخطأ- الحديث عن دور للصين في الشأن اليمني او أي شأن إقليمي او عالمي قبل الإشارة الى ذاكرة هذا البلد العظيم في التاريخ والثقافة الإنسانية بل والحضارة الإنسانية بشكل عام، فالصين هي الرقم الصحيح غير القابل للكسر بلا منازع بل و الأكثر اشراقا و نقاء وعطاءً للتاريخ والتطور الحضاري  و الإنساني بلا منازع ؛لا لمجرد انها أول من كتب اللغة واهدت العالم الحروف الأولى للطباعة ؛بل لأنها الأمة التي لم تخض حربا قط في تاريخها الطويل والعريق ،ضد أحد خارج حدودها واكتفت دائما بالدفاع عن نفسها ضد غزاتها من خارج الحدود؛ صانعةً  بهذا الصدد واحدة من أعظم معجزات الدنيا وعجائبها الكبرى في تأكيد مبدء حق الدفاع النفس، وهو سورها العظيم، ناهيك عن فنونها وقيم واخلاقيات أهلها هناك حيث يعيش ما يقارب من ثلث سكان العالم بسلام وكرامة يعجز كل الآخرين من تحقيقها لأنفسهم بأنفسهم رغم ما يملكونه من الاضعاف المضاعفة من الموارد والامكانات قياساً بالغرب، الذين لا يقدرون على العيش والبقاء الا على غزو واستغلال الآخر، وبث الفتنة والنزاعات بين الشعوب وشن الحروب وإعاقة التغيير والتطور الاقتصادي والاجتماعي فيها.

2_الحضور الاشتراكي المتجدد والمستقبل الإنساني الواعد.

ان الصين ليست مجرد ماضٍ حضاري وثقافي انساني مشرق فحسب، ولكنها كذلك  الحاضر الاشتراكي المتجدد والمستقبل الإنساني الواعد والعادل لنفسها  وللأخرين، لا لمجرد انها تحقق أعلا معدلات النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي في التاريخ فقط، ولكن لانها ترى في تجربتها الاقتصادية والاجتماعية الفريدة والمتفوقة حق انساني مشترك مع الآخر  المحتاج لها  في العالم كله ،بصرف النظر عن جنسيته ولونه وعرقه ،انطلاقاً من مبدء الحقوق والمصالح المشتركة والمتكافئة مع الآخرين على امتداد الكرة الأرضية، بدءاً من مجموعة (البريكس)وخط الحرير الجديد ، ( الحزام والطريق )وحتى شعار الطريق الواحد ذو الاتجاه الواحد حول قرية عالم اليوم الصغيرة الكبيرة ،وذلك ما عبر عنه الرئيس الصيني( تشنج بينج) مؤخراً بعد إعادة انتخابه بعبارة قصيرة عميقة الدلالة جزلة المعنى  ،تختزل كل عقل وحكمة الصين منذ العظيم كونفوشيوس بقوله(ان العالم بحاجة الى الصين والصين بحاجة الى العالم).

ثانيا: الصين في ذاكرة التاريخ والثقافة اليمنية والعربية.

1_الحضور الشعبي والرسمي:

بما أن الجغرافيا قد حكمت بالتباعد المكاني بين  اليمن و الصين ،وفرضت تبايناً في مساحة الأرض والسكان والانجاز بما لا وجه للمقارنة قط، لكنهما يلتقيا حتى العظم وعمق  ذاكرة التاريخ ورحلة زمانه ومكانه الى حدٍ كبير، ماضياً ، الأمر الذي   نرجوه ونتطلع إليه  مستقبلا، لا من خلال عمق أعماق حضور الثقافة الصينية في الذاكرة الشعبية اليمنية لقصص وحكايات الأمهات و الجدات لأولادهن و احفادهن قبل النوم ،عن حكايات وعجائب  الصين واساطيرها المختلفة والمتعددة ذات الدلالة  في الماضي البعيد فحسب؛ بل ووقائع وحيثيات الحاضر الأكثر اهمية وحضوراً في الذاكرة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية لليمنين -كل اليمنيين -والمرتبطة ببناء الحياة و المصالح المشتركة ساهمت بصورة جلية في نقل اليمنيين إلى القرن العشرين  ،والمنزهة عن كل المقاصد والنوايا السيئة وغير المشروعة التي طالما بنا عليها الآخرون صلاتهم و علاقتهم باليمن في المحيط الإقليمي والدولي بصورة مباشرة وغير مباشرة ،والتي لم يكن أولها ان اليمن كانت من أولى دول العالم اعترافا بدولة الثورة الاشتراكية الروسية والصينية في مطلع القرن المنصرم في المراسلات الشهيرة بين (امام اليمن) مهنئاً بفجر الثورة الصينية وقادتها  الشيوعيين الأفذاذ فحسب ،بل وعطاء ومواقف الصين  في كل المحافل الدولية ليس دعما لليمن ولكل القضايا و الحقوق المشروعة للأمة العربية في حقها من التحرر من الاستعمار والهيمنة الغربية ، وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني وكل قضايا شعوب التحرر الوطني في افريقيا وأمريكا اللاتينية والعالم .

2_ذاكرة المنافع والمصالح المشتركة مع اليمن.

 لم يكن أول خط طريق اسفلتي حديث عرفه شمال اليمن بين مينائها في الحديدة وعاصمتها صنعاء قبل ثورة اليمن 1962 بسنوات قليلة هو الأول والأهم من مشاريع التنمية والتغيير الاستراتيجي المعاصر في اليمن والذي نفذه أصدقاؤنا الصينيون بكل إخلاص وتفان في ظل ظروف صعبة وبدائية تعيشها اليمن حينها ،بقدر ما كان هو البداية والخطوة الاستراتيجية الأولى لتهيئة الظروف السياسية و الاجتماعية والعسكرية الانطلاق ثورة السادس والعشرين من سبتمبر١٩٦٢ ،حيث شكّل هذا  الطريق  النافذة الأولى التي طلَّ منها اليمن في مملكة الامام المغلقة والمتخلفة على العالم بفضل تعاون ودعم الأصدقاء الصينيون .كما ان إقامة اول منشأه صناعية للغزل والنسيج بإحدى نواحي صنعاء وكذا مثيله في عدن  ،وأول مدارس التعليم المهني في صنعاء وتعز والحديدة وغير ذلك من المشاريع التنموية بدعم ومساعدة سخية من الجمهورية الصينية الشعبية بعد قيام الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً ٦٢،٦٣ ، وتقديم الدعم السياسي في المحافل الدولية ،لم يكن ليتوقف تأثير ذلك على الجوانب الاقتصادية والتنموية؛ بل كان تأثيرها ودورها الأكبر على الجوانب الاجتماعية وفي عمق أعماق الوعي والثقافة الشعبية؛ التي عززت مكانة وحضور الصينيون في نفوس السواد الأعظم من اليمنيين ،لا من خلال المردود والمنافع الاقتصادية عليهم من هذه المشاريع فحسب بل ونموذج قيَم واخلاقيات التعامل الإنساني المتبادل بين الصينيين و اليمنيين من دولة صديقة تحترم سيادة الشعوب على أرضهم وتدعم مصالحهم، كثقافة متجذرة في سياسية الاصدقاء الصينيون الخارجية ،ومن أهم وابرز تلك المواقف على سبيل المثال لا الحصر مواقف لا ينبغي ان تُنسى أهمها:

أ-الثبات مع اليمنيين في حرب السبعين  يوماً ١٩٦٧م

في حرب السبعين يوماً و حصار صنعاء في عام ١٩٦٧وصمود الجيش والمقاومة الشعبية في وجه الحصار من قبل الملكية والمرتزقة دفاعا عن الثورة والجمهورية بعد ان غادرت  كل البعثات السياسية الأجنبية  وسفارتها  ومعظم القادة السياسيين اليمنيين إلى تعز والحديدة و خارج الوطن ،وعاصمة الثورة تُضرب بمدفعية الملكية من جبل النهدين وعيبان غرباً،وجبل براش شرقا. الا السفارة الصينية والرعايا الصينيين العاملين من أطباء ومدرسين في  المدارس الفنية ومهندسي  وفنيي مصنع الغزل والنسيج الذي لم يمض على تدشين بداية انتاجه اكثر من شهور قليلة ،هم وحدهم من صمدوا مع اصدقائهم اليمنيين في ظل ظرف أمني وسياسي  صعب في ظل دولة وليدة مهددة بالسقوط بين لحظةٍ وأخرى، وظل كل منهم يؤدِ واجبه تحت  الحرب والحصار في موقف تجاوز حدود صمود الجيش والمقاومة الشعبية في دلالة ومعنى إنساني عظيم ،لن ينساه اليمنيون قط.

وانا اتذكر ذلك  وشاهداً عليه ومعاصراً له ، ونحن مازلنا طلاباً في المدارس و في المقاومة الشعبية في منطقة شعوب بالقرب وفي محيط مصنع الغزل والنسيج الذي شيده الاصدقاء الصينيون العظام ،وكانت قذائف  القوات  الملكية المُحاصِرة  المدعومة من امريكا والسعودية وبريطانيا ،تصل إلى فناء ومبان المصنع  وتصيب بعض أسواره الخارجية، وكيف كان المهندسون والفنيون الصينيون -و بشجاعة نادرة- يبادرون قبل اليمنيين الى احضار مواد البناء لإعادة بناء ما تهدمه طلقات المدفعية و سد ثغرات ما تحدثه في الجدران والمبان الخرسانية في نفس لحظة الهجوم ، فكان لذلك ابلغ الأثر في نفوس وثبات السكان والمقاومة الشعبية في وجه الحرب والحصار على مدى سبعين يوما حتى النصر.

ب_حكاية (ماو) مروي العاطشين.

أما الحكاية والدلالة الأبلغ لعمق أعماق العلاقة اليمنية والصينية على  المستوى الشعبي الأقرب الى الخيال فقد بدأت مع بداية شق طريق صنعاء صعدة وتعبيدها بالأسفلت ،فبعد نهاية الحرب واستقرار الأوضاع السياسية وانحسار القوات الملكية ومرتزقتها الغربيون عن محافظات شمال الشمال (عمران حجة صعدة)وكانت ظروف المناطق الشمالية عند اقصى درجة ما يمكن ان يتصوره عقل من دمار الحرب وانعدام أبسط خدمات الصحة والتعليم والمياه والطرق، وكان الأصدقاء الصينيون القائمين بعملية الشق والسفلتة يحفرون الآبار لتوفير المياه العذبة على امتداد الطريق للسكان المحليين والعاملين ،وسط استغراب الناس واندفاعهم من كل حدب وصوب إلى موقع أي  بئر جديد ينفذه الأصدقاء بمجرد اندفاع قطراته الأولى من المياه على سطح الأرض لكي يغترفوا منها ما يسد  عطشهم وعطش حيواناتهم ومواشيهم ،مندهشين  من حكمة الصينيين ومؤهلاتهم التي تجعل الماء يتدفق بغزارة من باطن الأرض بلا انقطاع ومن أي مكان تنتصب فيه آلاتهم العجيبة في نظرهم كبسطاء وحديثي عهد بالتقنية ،وانتشرت الاشاعة بان الصينيين هم من أولياء الله لأنهم أينما حضروا تدفقت المياه ،الشيء الذي لم يألفوه من قبل بحكم العزلة والتخلف السائد قبل الثورة اليمنية ٦٢م.

وبالنضر الى الجانب الإنساني الذي كان يتمتع به القائمون على الشركة الصينية المنفذة لمشروع الطريق ، فقد كانوا عندما يغادرون منطقة العمل الأولى إلى غيرها، يتركون مضخة البئر مع كامل تجهيزاتها ،ويقومون بتركيب خزان وشبكة صنابير لمياه الشرب للناس والحيوانات في القرى والمناطق المجاورة بصفة دائمة ،فزادت بذلك أسطورة ان (الصينيين هم خير من يروي العاطشين) بين السكان المحليين.

و حينما وصلت الشركة المنفذة للطريق إلى عمران واتجهت بعدها نحو حوث وخمِرْ استاء كثيرا أهالي الاشمور وكحلان ووادي شرس على طريق حجة، لان الاصدقاء الصينيون لم يتجهوا نحوهم حتى ينالوا من الخير ما يناله غيرهم من خير الطريق و المياه فما كان منهم الا التردد الدائم على مقر إدارة الشركة في عمران في محاولات- غير مجدية- لإقناعهم بالاتجاه نحو مناطقهم ،وهي خارج المخطط الرسمي لمرور الطريق ،وكان وقتها محافظ حجة الشخصية الوطنية المعروفة مجاهد أبو شواب الذي بلغه الامر فاستدعى وجهاء ومشائخ المناطق والقرى الواقعة على خط طريق عمران حجة ،وبعد أن استمع إلى مطالبهم ،وطلبهم منه بإقناع الإصدقاء الصينيون الاتجاه نحو مناطقهم ليشملهم خير الطريق والماء أولاً،وبحكم معرفته بثقافة أهل المنطقة وطريقة تفكيرهم ،استخدم معهم مهارة القائد السياسي والشعبي  المحنك  -فقال لهم بلغة الخطاب الشعبي بما معناه (يبدوا انكم قد نسيتم عُرف القبيلَة)ولازم تفهموا ان اصدقاؤنا الصينيون قبائل كبيرة وقوية تتسم بالشهامة والنُبل  وليست حق مراجعات وأي كلام فقالوا له ما العمل إذاً؟ قال: يلزم منكم مجمع وداعي قبلي وشعبي كبير من منطاقكم وقراكم وبكل ما تستطيعون جمعه من قيمة المجمع والبرزة من بقر وغنم وجمال مشرفة والتوجه بكل ذلك الى مقر الشركة الصينية في عمران وسترون  الرد المشرف من قبائل  الصين النبيلة ، فقالوا للمحافظ أبشر؛ وذهبوا و جمعوا اعداد كبيرة من البقر والغنم والجمال خلال عدة أيام وتوجهوا بكل ذلك إلى المجمع الإداري  للشركة الصينية المنفذة لطريق حجة في مدينة عمران.

في الوقت الذي كان فيه المحافظ مجاهد أبو شوارب يكثف تحركاته على المستوى السياسي مع القاضي عبد الرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري  وقتها ، ومع وزارة الخارجية والسفارة الصينية من أجل إقناعهم  بضرورة اعتماد طريق (عمران -حجة )والبحث عن تمويل لها عن طريق اصدقاؤنا الصينيون ،واسموه بطريق صنعاء عمران صعدة ،وبينما كان في عز تحركاته تحرك موكب المواطنين المَهجَمْ إلى مقر الشركة في عمران، والذي لم يكن يقصد منه المحافظ الا الضغط الشعبي على الدولة باعتماد الطريق، وعلى الصينيين بقبول تمويل وتنفيذ المشروع، وكان الحدث بالغ الاثارة ولم تدرِ إدارة الشركة ماذا تريد هذه الجموع الغفيرة من الناس تسبقهم الأطفال والحيوانات! وما الذي يمكن ان يفعلوه تجاه موقف غريب عن ثقافتهم، فسألوه عن ومن هؤلاء وماذا يريدون..!؟ فسُلِّمت لهم ورقة صغيرة من بيتين من الشعر الشعبي هي خلاصة مطالبهم  من الاصدقاء ،وما يريدوه موجزاً في نص الزامل الذي وصلوا به كما هيا العادة.

وكانوا قد سألوا قبل ذلك عما يعجب الصينيين بجانب فضائلهم في العلم وشق الطرق وتوفير مياه الشرب لمن بحاجتها من البلدان النامية،  فقيل لهم: ما لم يكونوا يعرفونه عنهم ،وهو انهم  شيوعيين ، لا يعتنقون ديناً بذاته  حتى يدغدغون عواطفهم به و  يعبرون لهم في الزامل عما يثير عواطفهم  ويقنعهم بمشروع الطريق وحفر آبار مياه الشرب النقية على امتداه ،فاحتاروا في الأمر..لكنهم أصروا على قول الزامل الذي ارتجلوه بقصد إقناع  الإصدقاء بما يضمن الاستجابة ويحقق مطلبهم فقالوا:

سلام من حاشد الى صُبّة بِكِين                           ذي علمهم فاق العرب والمسلمين

واحنا علينا عار لو جاء ألف دين                       ما نتركك ياماو مروي العاطشين

وبعد ان سلموا لإدارة الشركة  نص الزامل ونحروا الجمال والابقار والاغنام على أبواب مقر إدارة الشركة وانصرفوا، أصيبت الإدارة بالدهشة والاستغراب مما حدث فما كان منهم الا ان ترجموا النص وبعثوا به الى سفارتهم في صنعاء ومن سفارتهم في صنعاء الى عاصمتهم بيجين ،في الوقت الذي وصل الموقف السياسي إلى ذروته بين الرسميين في اليمن والصين، والذي انتهى بخبر أسعد القبائل أصحاب الطلب على الفور ،باعتماد تمويل الطريق وتنفيذها بين تضاريس وعرة من قبل الصين، وكان واحداً من أبرز مشاريع الصداقة اليمنية الصينية الممتدة والمتميزة ، فتحقق للمواطنين من أبناء القبائل مطلبهم ،في تنفيذ طريق عمران صعدة ،وحفر عدد من الآبار النقية على طول امتداد التجمعات السكانية التي تمر منها الطريق بدعم وتمويل سخي من الاصدقاء الصينيون.

بما في ذلك تنفيذ  اول جسر معلق في صنعاء على نقاط شارع الزبيري التحرير والمعروف بجسر الصداقة ،فأي صداقة تقوى على منازعة الصين مع اليمن واليمن مع الصين! ؟

ثالثا: ماذا يُنتظر من الصين تجاه الشأن اليمني المأزوم؟

في ضوء كلما سبق وبالنظرإلى ما تعانيه اليمن واليمنيون من شرار ساستهم في الداخل ،وفجور خصومة أعدائهم من الخارج في المحيط الإقليمي والدولي ،ما كان لأهل الصين حكومة وشعباً،ان يغيّبوا دورهم تجاه اهل اليمن  إلى هذا الحد ،وينتقلون به الى زاوية الظل اذا لم تكن العتمة المنسية ؛هي اليمن التي يحتفظ أهلها للصين وشعبها التليد بما سبقت الإشارة الى البعض منه، وتفرض احترامها حتى على من سيأتون الى اليمن والصين معا هكذا يا (ماو مروي العاطشين) ولا هكذا يا (شينج بنج)سيد العارفين ؛ لأنه اذا كنت قد قلتها عن حكمة وعقل وعلم يا فخامة الرئيس بأن الصين محتاجة للعالم وان العالم محتاج للصينفي خطاب تنصيبك،  فلا بد وان يتذكر أصدقاؤنا  الصينيون بأن اليمن بلد الحضارة العريقة بما يتجاوز عشرة الف سنة ،هي الأولى والأوْلى بهذه المقولة الصينية الجديدة والأكثر ايمانا بحق الصين بدور جوهري تعلم حقيقتها في الحاضر والمستقبل الصين ،لا لمجرد ما يربط الصين واليمن من آواصر العلاقات التاريخية المتجذرة في أعماق الوجدان الاجتماعي والثقافي للشعبين الصديقين ، والتي هي أكبر من أن نحصيها في هذا المقام المحدود ،واكتفينا بالإشارة  الى بعضها هنا فحسب ،بل ولما يترتب على تطلعات البلدين من بناء المنافع والمصالح المشتركة للحاضر والمستقبل في عالم اليوم القائم على المصالح المشتركة ، لا من منطلق ان اليمن ارضا وانسانا هي عنق الزجاجة التي تعبُر منها طريق الحرير ومشروع (البريكس)فحسب؛ بل ولأن الصين المتصدرة لذلك هي الحقيقة الواعدة لعالم اقتصادي واجتماعي وانساني مزدهر،مستقر ومسالم ،وأكثر عدالة .

وأننا كمجتمع مدني في اليمن اذ نتطلع الى دور صيني فعّال تجاه الوضع السياسي والعسكري المأزوم في اليمن لنؤكد على أهمية وسرعة قيام جمهورية الصين الشعبية الصديقة بمثل هذا الدور انطلاقا من دعم المصالح الوطنية والاستراتيجية العليا والبعيدة المدى للسواد الأعظم من الشعب اليمني بالدرجة الأولى متجاوزا القضايا والصراعات الآنية والمشاريع الصغيرة العابرة وبالتركيز على دعم حقوق الشعب اليمني في التمسك بالقضايا الوطنية الاتية:

1-الحق في الثورة (سبتمبر وأكتوبر1963) والوحدة 1990 كمكتسبات وطنية منجزة وغير قابلة لأي مناقشة او مساومة.

2-العمل على بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وفق نظام اتحادي ديمقراطي يضمن الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة بين المركز والاطراف وفي ضوء ما سبق وأن توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني في العام ٢٠١٤م والمقررات الإقليمية والدولية ذات الصلة.

3-وضع حد نهائي وعاجل لكل التدخلات السياسية والعسكرية للخارج المدمرة لليمن منذ أكثر من ثمان سنوات والمهددة لأمن واستقرار المنطقة وإقناع المتدخلين بان منافع ومصالح السلام أجدى ألف مرة من ويلات وهزائم الحرب واوهام الهيمنة بالقوة في اليمن بالذات.

4-التأكيد على حق حرية التعدد السياسي والفكري والتعبير عن الراي بعيدا عن العنف والكراهية وكفالة حق حرية الاعتقاد الديني والمذهبي الخاص اختيارا بعيدا عن خلطه  بالنظام السياسي والاجتماعي العام للدولة والمجتمع بالضرورة باعتبار الدين حق شخصي خاص ، والدولة عقدا اجتماعي عام.

5-الاحتكام لمتغيرات المكان والزمان المتسارعة التي تفرضها ضرورات عالم اليوم في قرية العالم  الصغيرة الكبيرة ،وان الأقوى والاصوب في عالم اليوم هو من يبحث عن دوره الإيجابي فرداً كان أو جماعة أو دولة في بنية عالم اليوم شديدة الترابط ،لا من يتوهم العيش والبقاء خارجها او بدونها.

 

-         أ.د/حمود صالح علي العودي

رئيس هيئة تنسيق التحالف المدني للسلم والمصالحة الوطنية في اليمن