يعيش العالم اليوم تحديات ملموسة، تتمثل في الحروب والصراعات التي تهدد أمن وإستقرار الإنسان، ولازالت الدول الإستعمارية والإمبريالية تدعم تلك التحديات من أجل زيادة النفوذ، السيطرة، الهيمنة، دعم الحلفاء، بهدف إستغلال الموارد وجني الغنائم، وبالتالي إضعاف وإسقاط العمل والتعاون الجماعي المشترك الهادف لتحقيق السلام والتنمية حفاظاً على السلم والأمن الدوليين، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ودول شرق اسيا، ودول أوروبا الشرقية وجنوب شرق أوروبا.
في المقابل، تناضل الصين الشعبية مع كل أحرار العالم الحريصين على أمنه وإستقراره، وخاصة في مناطق النزاعات والصراعات، والتي لازالت تعاني الإحتلال وقهره، من أجل تحقيق السلام والتنمية العالمية، إلتزاماً صارماً من الصين الشعبية بالتقدم البشري وتحقيق التناغم العالمي، وبالتالي تنمية مبادئ حقوق الإنسان والحفاظ عليها كقيمة مشتركة للإنسانية، بهدف تعزيز الإحترام المتبادل، وإحترام سيادة وحقوق الدول وعدم التدخل في شؤونها، بصرف النظر عن الحجم والثروة والقوة لكل منها، وصولاً لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك.
فلقد تجسدت هذه الرؤية بناءاً على الموروث والمسيرة النضالية والكفاحية في فكر وممارسة الحزب الشيوعي الصيني، الذي اهتم بمواكبة العصر، تحرير العقول والبحث عن الحقيقة، في سبيل تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية: البناء الإقتصادي، المؤسساتي، الثقافي، الإجتماعي والحضاري، ومن ثم الإنفتاح على الأخرين ومد يد العون والمساعدة لهم، وصولاً لتحقيق المنفعة المشتركة والمصير الواحد، تحت راية السلام والتنمية المستدامة.
وبالحديث عن الأمل، الذي لطالما عاش الإنسان لأجله، وناضل وكافح للعيش بحرية وكرامة من أجل غد أكثر عدل، إلا أن الدول الإستعمارية والإمبريالية لازالت تسعى للقضاء على هذا الأمل، من أجل منفعة ومصلحة ذاتية لها، لا ترتقي لمستوى عزة وكرامة ومسيرة الإنسان، الذي وجد من أجل إعمار وإصلاح هذا الكون نحو الأفضل، فالإنسان بدون أمل كالحياة بدون هواء أو ماء، فالأمل هو الطموح والإرادة لغد مشرق، فلا أحد يستطيع العيش بمفرده، ولا أحد يستطيع الفوز بمفرده أيضاً، فالتعاون والعمل المشترك الصادق، هو السبيل الوحيد لإنجاح الأمل، وبالتالي تحقيق السعادة والرقي بالإنسان وقيمته وحقوقه الإنسانية، بالحرية والعدل.
فالصين الشعبية تناضل من أجل رفعة وحماية هذا الأمل، حرصاً منها على عزة وكرامة الإنسان، فلقد حققت النهضة العظيمة للأمة الصينية، وتسعى لمساعدة الأخرين لبلوغ نفس الغاية، فتعمل وتجتهد وتسعى بإتجاه حماية الإنسان وحقوقه في كل مكان، تماشياً مع مقولة:"خيركم أنفهعم للناس". فمثلاً، طالبت الصين الشعبية مراراً، بضرورة تطبيق مبدأ التعددية الدولية في المنظومة الدولية، بهدف حل المسائل والقضايا المعاصرة وفقاً للقانون وسيادته، تلك التحديات التي أصبحت تواجه الإنسان ومصيره، وتهدد أمنه وإستقراره وحقوقه المقدسة، إلا أن البعض يرفض هذه الدعوة، بعدم السماح لها بالنجاح أو ملامسة النور أو الأمل بالتطبيق، ويسعون لعرقلة وزعزعة هذا المبدأ دوماً، من أجل حماية مصالحهم وحلفائهم، ولا يكترثون بالأخرين وبمصيرهم، أو حتى بمصير الإنسانية ككل. وعليه، يريدون الإساءة وزعزعة سمعة وإستقرار الصين الشعبية، بكل الطرق والوسائل الخبيثة، لإنها تقف مع هذا المبدأ بثبات وحزم، ولأنهم يدركون جيداً، أن الصين الشعبية جادة بهذا الموقف، بصدق ووفاء وإخلاص، لمبادئها وتوجهاتها الإنسانية، من أجل حماية الإنسان وحقوقه في كل مكان، رفضاً للهيمنة والنفوذ والأحادية، والإحتلال والإعتداء على الضعفاء.
وعند الحديث عن التسامح الذي إرتبط بالحرية والمساواة والإخاء، أي الإعتراف بالأخر وإحترامه، والمساواة بين الناس جميعاً في الحقوق، والعدل في التعامل، بصرف النظر عن إنتماءهم الديني والعرقي واللغوي والطبقي، وتماشياً مع مقولة:"عيش وأترك الأخرين يعيشوا"، فإننا نتحدث عن الصين الشعبية. فمثلاً، ومنذ أكثر من 75 عام والشعب العربي الفلسطيني يعاني الإحتلال وويلاته، القتل والتدمير والظلم، وإهانة الإنسان وكرامته وسلب حقوقه بالقوة، وذلك لأنه يدافع عن حقه التاريخي في أرضه، وحقه في الحياة كباقي شعوب الأرض، تماشياً مع القوانين الأخلاقية والإنسانية الطبيعية والسماوية. في المقابل، فالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، مستمرون في تجاهل الحقوق السياسية للفلسطينيين، وكأنهم لا يرون الظلم الذي يتعرض له هذا الشعب يومياً، ويضربون بعرض الحائط كل المحاولات والسبل الأممية والإنسانية القانونية والأخلاقية، التي تسعى الصين وحلفاؤها لإنجاحها بهدف حل القضية الفلسطينية، وتحقيق تطلعات الشعب الذي لا يزال يعاني ويلات الإحتلال في العصر الحديث. وعليه، فأي تسامح بعد اليوم تتكلمون عنه! فالحقيقة أنكم ترفعون وتستخدمون هذه الشعارات من أجل التدخل في شؤون الغير، وزعزعة أمن وإستقرار الأخرين، وعدم السماح لمن هم حريصون على تطبيق هذا المبدأ، بكل صدق ووفاء، بالنجاح وتحقيق "الأمل والتسامح" تجاه الأخرين، كالشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة العربية.
في المقابل، فالصين الشعبية كانت ومازالت تدافع عن القضية الفلسطينية بثبات وحزم، ومع تجسيد الحقوق السياسية للشعب العربي الفلسطيني، في الحرية وتقرير المصير، من أجل أن يعيش الفلسطينيين بحرية وكرامة كباقي الشعوب، وأن يعم السلام والإستقرار على المنطقة ككل. وقد أكدت الصين مؤخراً، نتيجة القتل والتدمير والظلم، الذي يتعرض له الفلسطينيون في هذه الأيام، موقفها التاريخي والمعاصر، تماشياً مع المبادئ الإنسانية كافة، ومع المبادئ الإشتراكية ذات الخصائص الصينية، ومبادئ القانون الدولي: "أنه لا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني لأجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة للأخرين، ولا يمكن حل ذلك إلا بالتحرك الحازم والمسؤول وبشكل جماعي، من قبل العالم بأسره، للوقوف في وجه الظلم التاريخي الذي يعاني منه الفلسطينيين منذ زمن طويل، وتجسيد حقوقه السياسية بالحرية وتقرير المصير، بعيداً عن المماطلة والتقاعس في التنفيذ".
فهذا هو "الأمل والتسامح" الذي يعطي للأخرين رغم الجراح والمعاناة، أمل بغد أفضل، والذي تدافع عنه "الصين الشعبية" بحزم وثبات، تجاه الشعوب المظلومة والمقهورة، التي تناضل وتكافح للعيش بسلام وطمأنينة وإستقرار كباقي الشعوب.
وعليه، فإن الصين الشعبية تعتبر بذلك عنوان "الأمل والتسامح"، من أجل أن ينعم الأخرين وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، بالأمن والإستقرار وغد أفضل، وصولاً لتحقيق السلام والتنمية الفعالة، وأن يعم الخير والعدل والتقدم والسعادة، بدلاً من الإضطهاد والحرمان والإنقسام والإحتلال، الذي نعيشه نتيجة السياسات الإستعمارية والإمبريالية الممنهجة تجاه المنطقة وشعوبها، بهدف التركيع والتقسيم وإستمرار النزاعات، لخدمة تلك الدول وحلفاؤها.
فالمطلوب عربياً وفلسطينياً، أن نقف بكل مسؤولية، وبحزم وثبات، مع الصين الشعبية، بكل مكوناتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، لدعم مواقفها الإنسانية والأخلاقية النبيلة، وأن نمد يد التعاون والمصير المشترك معها دون غيرها، من أجل أن نستعيد "الأمل والتسامح" لغد أفضل، لنا ولشعوب المنطقة والعالم ككل.
بقلم: علاء الديك / باحث بالشأن الصيني والعلاقات الدولية.
9 فبراير 2023