إنعقد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في 16 أكتوبر للعام 2022 في ظل ظروف وتحديات عالمية ملموسة وغير ملموسة بالغة الأهمية، حيث حظي المؤتمر بإهتمام واسع النطاق أنذاك بسبب التقدم الهائل في المسيرة الجديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل، والزحف نحو هدف الكفاح والنضال بحكمة وقوة الصين من أجل حل المشاكل المشتركة التي تواجه البشرية من خلال إسهامات جديدة لسلام وتنمية البشرية.
وجاءت النتائج مثلما توقعنا للأصدقاء في الصين، حيث رفعت الراية العظيمة للإشتراكية ذات الخصائص الصينية عالياً، وتم تطبيق الأفكار الإشتراكية ذات الخصائص الصينية في عصر جديد متعدد الأبعاد، وصولاً للنهضة العظيمة للأمة الصينية. وإنطلاقاً من دافعية العمل الفعال من أجل مستقبل واعد للجميع، طورت الصين دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية بصورة شاملة في كافة القطاعات ومع كافة الإتجاهات، بهدف التصدي الفعال للأوضاع الدولية المعقدة والخطيرة نتيجة المخاطر والتحديات التي ظهرت تباعاً.
والملفت للنظر هنا، أن الدبلوماسية الصينية سعت ومنذ اللحظة الأولى لفعاليتها للتمسك بقيادة الحزب الشيوعي الصيني كموجه أساسي لتلك الدبلوماسية "الشعب في المقدمة بهدف نهضة الأمة الصينية لتحقيق بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل". وإنطلاقاً من مقولة "خير الناس أنفعهم للناس"، وبعد تحقيق حلم الصين بالنهضة الناجحة للأمة الصينية، تسعى الصين جاهدة لنهضة الأمم الأخرى بكل مسؤولية وجدية ووفاء، حيث تعهدت الصين بالإلتزام بالتقدم البشري والتناغم العالمي، والإلتزام بتحقيق السلام والتنمية السلمية، والإلتزام بالتعددية الحقيقية تحت مظلة الأمم المتحدة ومحاربة التنمر والأحادية والهيمنة، وتعزيز النظام الدولي وفقا للقانون فقط، على أساس الإحترام المتبادل بعيداً عن قوة وثروة كل طرف تجاه الطرف الأخر. كذلك، الإلتزام بتنمية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية كقيمة مشتركة للإنسانية، القائمة على الإحترام المتبادل وإحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، وتعزيز المنفعة المتبادلة وصولا لتحقيق العيش المشترك لمصير مشترك واحد.
إنها "الصين الرائدة" التي تمسكت بأفكار "ماو تسي تونغ" وحققت التقدم الإختراقي في عقود محددة، وصمدت أمام المخاطر والتحديات في مجالات السياسة والإقتصاد والإجتماع والإيديولوجيا والطبيعة، وحققت إنجازات تاريخية ومعاصرة دفعتها للتقدم في مسيرتها الجديدة لبناء دولة إشتراكية حديثة كنموذج يحتذى به في العصر الحديث، حيث حققت التكامل بصورة شاملة في البناء الإقتصادي والسياسي والثقافي والإجتماعي والحضاري المتقدم، وصولاً إلى "الصين القوية" (بناء مجتمع رغيد الحياة، تعميق الإصلاح والإنفتاح، حكم الدولة وفقاً للقانون، وإدارة الحزب بصرامة من خلال تعزيز قيادة الحزب الشيوعي الصيني والذي يشكل أعلى قوة قيادية للعمل السياسي.
دولياً
دافعت الصين عن الإنصاف والعدالة الدوليين بثبات، ودعت للتمسك وممارسة تعددية الأطراف الحقيقية بعيداً عن سياسة القوة والهيمنة وتعزيز النفوذ بكافة أشاكله، وبادرت لتحمل المسؤولية الجدية من أجل إصلاح وبناء الحوكمة العالمية. فعلى سبيل المثال، دعت لتبني سياسة الحوار والتضامن والتعاون في العديد من القضايا الدولية، في الحرب الروسية الأوكرانية، النزاع في سوريا، الحرب في اليمن، النزاع في ليبيا، عدم الإستقرار في العراق والسودان وتونس، ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وتحقيق الإستقلال بإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وغيرها، أضف لذلك، سعي الصين لمكافحة جائحة كورونا، حيث كان ومازال لها الدور الأكبر لمساعدة منظمة الصحة العالمية مادياً، وتزويدها بالدراسات والمعلومات والإحصائيات عن الجائحة بهدف القضاء عليها. كذلك، مساعدة الدول الفقيرة في معظم دول العالم للتغلب على الجائحة والتخفيف من مضارها من خلال إرسال المساعدات النقدية والعينية للقطاع الصحي، من طعوم ومستلزمات وأدوات صحية وعلاجية، وإرسال الطواقم الطبية وذوي الخبرات للمساعدة في القضاء على الجائحة.
أضف لذلك، أن قامت القيادة الصينية ممثلة بالرئيس الصيني الرفيق "شي جين بينغ"، بطرح مبادرة الحزام والطريق عام 2013، كمبادرة تنموية إقتصادية تهدف لتحقيق التنمية المستدامة في كافة المجالات من خلال التعاون والتبادل وصولاً للفوز المشترك بالمنفعة المتبادلة، حيث وقعت على تلك المبادرة أكثر من 100 دولة ومؤسسة دولية، لما فيها من خير سيعود بالمنفعة على كافة تلك الدول لتعزيز التنمية الإقتصادية. فعلى سبيل المثال، إنضمت الصين للعديد من المؤسسات والمنظمات الدولية، مجموعة العشرين وبريكس، وغيرها، من أجل تعزيز التبادل والتعاون الإقتصادي والتجاري الإستراتيجي لخلق بيئة عالمية تنموية مزدهرة تحقق الرخاء والعيش الكريم للجميع دون إستثناء بهدف تحقيق السلام والإستقرار وبالتالي تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وذلك لأن الصين تؤمن بأن التنمية لا تتحقق إلا من خلال بوابة السلام والإستقرار والعيش المشترك.
وعليه، فالحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني المكافح، يسعيان لحل المشاكل المشتركة التي تواجه البشرية جمعاء، بكل قوة وثبات وإخلاص وشعور بالمسؤولية، بمزيد من الحكمة وتقديم الحلول لكافة المعضلات بهدف تقديم إسهامات جديدة نحو تحقيق وتعزيز السلام والتنمية البشرية.
عربياً
فالعلاقة بين الصين والدول العربية مرتبطة بطريق الحرير براً وبحراً منذ أكثر من 2000 عام، وانطلاقاً من قيام الصين الجديدة وصعودها وكذلك تحقيق استقلال الكثير من الدول العربية من التبعية والإستعمار، أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية البالغ عددها 22 دولة منذ عام 1956 إلى عام 1990، حيث دعمت الصين بكل ثقة وقوة حركات التحرر الوطني العربي ونضال الأمم من أجل تحقيق السيادة الوطنية والحفاظ عليها، بهدف تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في منطقة الشرق الأوسط وفق مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية.
ولتعزيز العلاقة الصينية العربية وتطوير التبادل والتعاون بين الطرفين في كافة المجالات، اتخذت الصين خطوات عملية لتعزيز تلك العلاقة، فعلى سبيل المثال، في ديسمبر 2001 تم إنشاء جمعية الصداقة الصينية العربية، وفي عام 2002 أرسلت الصين مبعوثًا خاصًا إلى منطقة الشرق الأوسط للمساعدة في حل الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك في عام 2004 تم إنشاء منتدى التعاون الصيني العربي كمنصة لمزيد من الاتصالات والتبادلات الفكرية والمعلوماتية، والتي أنتجت مجموعة واسعة من الإنجازات على المستويات الرسمية والمدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
وفي عام 2010 أقيمت علاقات التعاون الاستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة بين الصين والدول العربية، مما أوصل التعاون الجماعي الصيني العربي إلى مرحلة جديدة من التطور والتقدم النوعي على نحو شامل. وعليه، تحرص الصين على تعزيز التشاور والتنسيق مع الجانب العربي بكل إخلاص ووفاء وتحمل للمسؤولية بهدف الحفاظ على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة في إنجاح التعاون والتبادل وإحترام الأخرين وتحقيق المنفعة المتبادلة وصولاً لتحقيق تنمية مستدامة تنفيذا للخطة الأممية التنموية مع حلول عام 2030، وكذلك تعزيز التعاون الدولي بهدف تجسيد التعددية الدولية للحفاظ على العدالة في المجتمع الدولي وتعزيز فعاليتها في حل القضايا ذات الاهتمام المشترك من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
والجدير بالذكر هنا، أن هناك قمة صينية عربية خليجية في ديسمبر 2022 والتي ستعقد بالعاصمة السعودية الرياض، ومن المتوقع أن يكون لهذه القمة نتائج وإنعكاسات جيدة في سبيل تطوير العلاقات الصينية الخليجية من جهة والعربية من جهة أخرى، والتي تهدف لتعزيز التعاون الإقتصادي القائم على المنفعة المتبادلة، والإحترام السياسي المتبادل القائم على إحترام سيادة الدول ورفض التدخل في الشؤون الداخلية. فالإنعكاسات المحتملة للزيارة الصينية المرتقبة تلك ستشمل السياسة والإقتصاد والأمن والتجارة الحره، وعليه فالخليج سيسعى لخلق علاقات متوازنة مع الأقطاب الدولية، وهذا من شأنه أن يعزز مفهوم التعددية الدولية الذي تبنته الصين بكل قوة وصراحة بهدف الحفاظ على النظام الدولي ومبادئه في سبيل تحقيق الإنصاف والعدالة وحفظ القانون الدولي تجاه القضايا المتعددة ذات الإهتمام المشترك والسعي لحلها.
فلسطينياً
اهتمت الصين بكل كبرياء وعنفوان وإصرار وتحملت المسؤولية تجاه القضايا العربية العادلة، وأهمها "القضية الفلسطينية" كقضية مركزية للعرب والمنطقة العربية، حيث بدأ هذا الإهتمام من خلال مؤتمر باندونغ عام 1955، الذي أرسى أسس التعاون الصيني العربي والدعم الصيني للقضية الفلسطينية، وعليه اتخذت الصين موقفاً داعماً للحقوق الوطنية الفلسطينية أمام المؤسسات والقانون الدوليين، مما أدى إلى دعم القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة عندما انضمت الصين بفاعلية إلى الأمم المتحدة عام 1971، وهذا يؤكد تطور الدبلوماسية الصينية الاستراتيجية تجاه الشرق الأوسط منذ ذلك الحين، وخاصة تجاه عدالة القضية الفلسطينية وفقا للقرارات الشرعية الدولية بهدف رفع الظلم عن الشعب العربي الفلسطيني الذي لا يزال يعاني ظلم الإحتلال ليومنا هذا.
وتجدر الإشارة هنا، أن الاتصالات الرسمية المباشرة بين الصين وفلسطين بدأت في عام 1964، وتمر العلاقات بين الصين وفلسطين بثلاث فترات مهمة، الأولى كانت منذ عام 1964 إلى عام 1976 ، والثانية من 1976 إلى 1993، والثالثة كانت من 1993 إلى 2013. وعليه، تطورت العلاقات الصينية الفلسطينية دبلوماسياً وسياسياً وإقتصادياً وإعلامياً وثقافياً، فمثلاً نلاحظ أن السياسة الخارجية الصينية تجاه فلسطين تطورت وأصبحت العلاقات الصينية الفلسطينية فعالة وقوية، وظهرت ملامح قوة تلك العلاقة من خلال الدعم المتواصل للصين لحقوق الشعب العربي الفلسطيني في المؤسسات والمنظمات الدولية وصولاً لنيل حقوقه بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي. وكذلك، هناك تعاون تنموي وتبادل إقتصادي وعلاقات إعلامية وثقافية ناجحة بين البلدين، وهناك دور صيني صلب وثابت تجاه العملية السياسية من أجل حل القضية الفلسطينية وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، فالصين طرحت عام 2021 "النقاط الأربع" لحل القضية الفلسطينة (إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وتحقيق السلام والإستقرار والتنمية المستدامة).
فموقف الصين من القضية الفلسطينية جلي وإيجابي، حيث دعا الرئيس الرفيق "شي جين بينغ" خلال زيارته لمصر في عام 2016، إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وأضاف أن القضية الفلسطينية "لا يجب تهميشها". إلى جانب ذلك، قال: "أن الحفاظ على المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني هو مسؤولية جامعة الدول العربية وكذلك أعضاء المجتمع الدولي".
فهناك تطور كبير في العلاقات بين الجانبين الفلسطيني والصيني سعياً لتمتين التعاون بين البلدين على كافة المستويات، فعلى سبيل المثال قامت الصين بدعم القطاع الصحي الفلسطيني بالمستلزمات الطبية واللقاحات الصينية وفريق الخبراء الأطباء الذي أرسلته الصين إلى فلسطين منذ مطلع عام 2020 منذ إنتشار جائحة كورونا، وكذلك المساعدة في بناء قدرات وزارة الصحة الفلسطينية.
وأعربت الصين أنها على إستعداد لمواصلة تعزيز الإتصال والتواصل الفعال بهدف تبادل المعلومات بين المؤسسات والإدارات التجارية والتنموية بينهما، كذلك تشجيع الشركات في القطاع الخاص في مختلف الصناعات للمشاركة في المعارض الدولية التجارية والصناعية. وأيضا نلاحظ أن الجانب الصيني يدعم بثبات منظومة التجارة الحرة متعددة الأطراف والتي تقوم على أساس القواعد المفيدة للجانبين وللأخرين، وبكل تأكيد بعيداً عن الأحادية والحمائية، وبالتالي الدعوة لإنفتاح الأسواق والحفاظ على نجاح مبدأ التعددية.
فالملاحظ أن هناك تعاون كبير ومتين وثابت بين الصين وفلسطين على كافة المستويات وفي كل القطاعات، وهذه العلاقة ستعزز الصداقة بين البلدين لما يخدم تحقيق السلام والإستقرار والتنمية المستدامة وصولاً لتعزيز المنافع المتبادلة على طريق المصير المشترك للبشرية جمعاء.
المطلوب عربياً وفلسطينياً
نحن أمام فرصة تاريخية في المنطقة العربية وهي أن نعزز علاقتنا الإستراتيجية الفعالة مع الجمهورية الصينية الشعبية وقيادتها وشعبها المناضل والمكافح من أجل خدمة شعبه ومن أجل خدمة الأخرين، فمن كان به خيراً لشعبه سيقدم الخير بصدق ووفاء للأخرين. فرسالتنا للقمة الخليجية العربية الصينية القادمة في من ديسمبر الحالي، أن نمضي بعلاقة راسخة وواضحة ومتينة مع الأصدقاء الصينيين، فالصين تمد يدها لنا لنبني شرق أوسط جديد يحترم شعبه وحدوده وثرواته وخيراته وحقوقه وسيادته في إطار التعاون والتنسيق مع الأصدقاء والأشقاء والحلفاء الحريصون على تعزيز الإستقرار والسلام وتحقيق التنمية المستدامة في ظل سيادة حكم القانون وإحترام الأخرين وحقوقهم وعدم التدخل في شؤونهم، وإحترام سيادة الدول بغض النظر عن حجمها وثروتها وقوتها، والسعي للمنفعة المتبادلة وتعزيز مبدأ التعددية بعيداً عن الأحادية والحمائية والهيمنة، وصولاً للمصير المشترك للبشرية جمعاء من أجل حياة رغيدة وسعادة وكرامة للناس.
فالمنطقة العربية تمر بظروف وتحديات بالغة الأهمية والخطورة، والسبب من وجهة نظري المتواضعة أننا مازلنا نراهن على تجارب غير ناجحة وغير فعالة مع دول وحلفاء لا يريدون إلا تعزيز نفوذهم وهيمنتهم ودورهم في المنطقة العربية، فالمصالح المتزاحمة بين هؤلاء تجعل من المنطقة العربية ساحة حرب للصراع على الخيرات والثروات وتعزيز النفوذ وبالتالي إنتشار الدمار والخراب وتعزيز الهجرة والكراهية والفرقة والعنصرية وعدم التسامح والتنمر والإقصاء. وهذا وبكل صراحة هدف كل مستعمر ومحتل للأرض والإنسان، حيث أنه يسعى لخلق تلك الأزمات والتحديات من أجل تعزيز نفوذه على أساس أنه المنقذ بهدف السيطرة على ثروات وخيرات المنطقة ككل، وفي الحقيقة يكون هو المنظم والمسيطر على مجريات الأحداث من وراء حجاب.
وعليه، فمن يحارب مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والغاية التي أنشأت من أجلها المنظومة الدولية (حماية الأمن والسلم الدوليين وصولاً لتعزيز الحريات والعدالة وحكم القانون والسعي لخدمة وسعادة الناس وفقاً للإحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، بعيداً عن الهيمنة والإقصاء والتنمر، وتعزيز التعددية وتحقيق المصير المشترك للجميع بغض النظر عن قوة وثروة الدول تجاه دول أخرى)، فهو بكل تأكيد من يرسل الجيوش والعتاد لمنطقة ما بهدف إحتلالها أو تعزيز النفوذ بها أو نهب خيرات الأخرين، أو محاولة خلق واقع جديد يهدد السلم والأمن الدوليين، وبالتالي خلق أزمات إقليمية وعالمية ستنعكس بتحديات خطيرة تهدد البشرية ومبادئ العمل الإنساني والقانوني ومنجزاته المعاصرة. وكذلك، فهو من يقف ويصوت ضد حقوق الشعوب المظلومة والتي تعاني الإحتلال والقهر والظلم والحرمان واللامساواة، وأيضاً فهو من يعزز من نفوذ الظالمين والطغاة ويبيح قتل الأبرياء وحرمانهم الحق في الحياة كباقي شعوب الأرض، وكذلك فهو من يريد إضعاف القانون وسيادته من أجل تعزيز نفوذه وهيمنته أمام الأخرين بهدف تمرير سياسته ودعم حلفاؤه.
في المقابل، من يريد الخير لأمته أولاً وللأخرين ثانياً فهو من يرد تعزيز حكم القانون وسيادته، وذلك بتطبيق الإنصاف والعدالة تجاه الضعفاء والمستضعفين بصرف النظر عن الحجم أو الثروة أو القوة، ورفع الظلم عن المظلومين وتحرير الشعوب التي تعاني الإحتلال وويلاته، وكذلك تحقيق الأمن والسلام والتنمية والإستقرار من خلال التعاون والتشاور والحوار وصولاً لتجسيد التعددية بعيداً عن الهيمنة والأحادية والتنمر والحمائية من قبل القوي تجاه الضعيف، وأخيراً السعي لتحقيق الرخاء والعمل التنموي الجاد لنهضة الدول والشعوب الفقيرة، وبكل تأكيد كذلك تعزيز عمل المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية ومبادئها لما فيه خدمة للإنسانية والتقدم والتطور الحضاري الملموس، وأيضاً السعي لتعزيز عمل تلك المنظمات لما فيه خير للإنسان أينما وجد لينعم الناس جميعاً بالأمن والأمان والإستقرار والعيش الكريم. إنها "الصين العظيمة" بقيادتها وشعبها المناضل والمكافح من أجل الأخرين، وبإشتراكيتها ذات الخصائص الصينية "مفتاح التضامن لتعزيز العمل الإستراتيجي العربي الصيني بكل شموخ وعز ونضال".
أما فلسطينياً، فحتماً ستقف الصين بقيادتها وشعبها إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني العظيم الذي لا يزال يعاني الظلم والقهر والقتل والتدمير وإنعدام الحياة نتيجة الإحتلال، فالصين ماضية في دعم حق الشعب العربي الفلسطيني بالحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير على أرضه الفلسطينية بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. في المقابل، فنحن مطالبين بالإعلان رسمياً على تعزيز العلاقة الإستراتيجية مع الصين الشعبية بقيادتها وشعبها المناضل من أجل الإنسانية وحقوق الأخرين، شكلاً ومضمونا،ً على كافة المستويات وفي كافة القطاعات، دون غيرها، وأن تصبح فلسطين وقضيتها وشعبها عنوان التضامن الصيني العربي القادم، لما في ذلك من بوابة لتعزيز الإستقرار والسلام والتنمية المستدامة والعيش المشترك.
بقلم: علاء الديك – عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وطالب دكتوراة في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية – شنغهاي. 20 نوفمير 2022.