بقلم: مشعل الشمالي، قنصل عام دولة الكويت في شنغهاي
ودولة الكويت تحتفل بعيد استقلالها الـ 60 وذكرى يوم تحريرها الـ 30، وجمهورية الصين تحتفل بالسنة القمرية الجديدة والذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، فان الدولتان يحتفلان معـــــــــاًبالذكرى الـ 50 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تلك العلاقات التاريخية الراسخة المتميزة التي بنيت على أسس واضحة تقودها عوامل الثقة والمصالح المشتركة، وفق رؤى قيادتي البلدين الصديقين، ورغبة شعبي البلدين في زيادة أواصر الصداقة بينهما.
فقد انطلقت العلاقات الثنائية قبل أن يتم تأسيسها بشكل رسمي في عام 1971، بزيارة رسمية قام بها صاحب السمو أمير البلاد الراحل الشيخ/جابر الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، الذي كان يشغل منصب وزيراً للمالية والصناعة والتجارة في فبراير عام 1965، إلى جمهورية الصين الشعبية، والتقى فخامة رئيس الجمهورية آنذاك الرئيس ليو شاو تشي وعدد من كبار المسؤولين الصينيين.
وشكلت الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، إلى الصين في يوليو 2018، محوراً هاماً للعلاقات الثنائية وأعطتها بعداً استراتيجياً مميزاً، حيث التقى وقتها بفخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتم التوقيع خلال الزيارة على عدد من الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم في العديد من المجالات الأمر الذي ساهم في فتح آفاق مبشّرة لعلاقات أكثر تميزاً بين البلدين، ولعل افتتاح القنصلية العامة لدولة الكويت في شنغهاي، العاصمة الاقتصادية الأولى في البر الرئيسي للصين، وأحد أهم عواصم المال والأعمال في العالم، هو ثمار هذه الزيارة التي قام بها سموه، رحمه الله.
وخلال 50 عاماً من عمر العلاقات الثنائية، حقّقا البلدين العديد من الإنجازات، فتم التوقيع على ما يزيد عن 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون في مختلف المجالات، كما قام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بتمويل 40 قرض لجمهورية الصين الشعبية بقيمة إجمالية تقدر بأكثر من 6.5 مليار يوان صيني، وتنوعت القطاعات التي تم تحقيق الإنجازات فيها بين البلدين من أهما القطاع النفطي والغاز وبناء المصافي، وقطاع الاتصالات، وقطاع البنى التحتية للمناطق السكنية والمرافق العامه، وغيرها من المجالات الاجتماعية والثقافية، وانتعش التعاون الثنائي في المجال الصحي خلال فترة تفشي جائحة كوفيد 19، بحيث تعزّز التعاون بشكل كبير بتبادل الآراء والافكار للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد، حيث قامت الكويت باستيراد العديد من المعدّات الطبية اللازمة للكشف والوقاية من الفيروس من الصين، كما قام فريق طبي صيني مختص بزيارة لدولة الكويت في شهر إبريل 2020 لمساعدة الأجهزة الطبية الكويتية في مكافحة الجائحة، وقامت دولة الكويت بالتبرّع بمستلزمات طبية للصين بقيمة 3 مليون دولار امريكي، وقامت القنصلية العامة لدولة الكويت في شنغهاي بالمساهمة بحملة جمع تبرّعات لصالح دعم الفرق الطبية التي ارسلت لمدينة ووهان في فبراير 2020 وبالتعاون مع مكتب الشؤون الخارجية في شنغهاي، والقنصليات العامة المعتمدة في المدينة، للعمل على معالجة المصابين بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، بحيث يهدف التبرّع بالمشاركة بتمويل تلك الفرق بالتجهيزات والمواد الطبية اللازمة، ومازال الجسر الجوي الصحي ممتد والذي يجسد أسمى أوجه التعاون بين البلدين.
هذا وفي الوقت الراهن تشارك عدد من الشركات الصينية في تنفيذ قرابة 77 مشروعاً كويتياً، وفي عام 2018 افتتحت الكويت مكتب الهيئة العامة للاستثمار في مدينة شنغهاي تأكيداً للأهمية الاقتصادية الخاصة للمدينة، كذلك تم افتتاح فرع للبنك الوطني الكويتي في عام 2017 وكان أول بنك كويتي خليجي يفتتح فرع له في الصين وفي مدينة شنغهاي أيضا.
وتعمل دولة الكويت على تنفيذ رؤية الكويت 2035 والتحول بها إلى أعلى المستويات بتعاونها مع الصين خاصة بعد دمجت وتوافقت الرؤية الكويتية المستقبلية بمبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث تعد الكويت من أوائل الدول التي انضمت للمبادرة الصينية وكان ذلك في عام 2014، هذا وتمثل رؤية الكويت 2035 فرصة سانحة لزيادة وتطوير التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات والوصول إلى تحقيق شراكة استراتيجية مستقبلية نموذجية.
وكلنا أمل أن يستمر التعاون الكويتي الصيني الذي بني على أسس وقواعد صلبة وأن يشهد كل تقدم ونمو وازدهار.