اتفقت إسرائيل وإيران على وقف إطلاق النار في يوم 24 يونيو. على مدى الأيام الماضية، شهدنا هذا الصراع المليئ بالتقلبات بكامل حلقاته: من اشتعال لهيب الحرب، وصولا إلى إخمادها.
لم يتلاش دخان الحرب، وما زالت الجروح مفتوحة في الحطام والأنقاض الصامتة، لتنبه العالم بالعواقب الوخيمة الناجمة عن اللجوء إلى القوة، وتدفع جميع الأطراف إلى تأمل عميق. طرح الرئيس شي جينبينغ الرؤية ذات النقاط الـ4 التي تؤكد على أن الدفع بوقف إطلاق النار ومنع القتال يمثل الأولوية الأولى في الوقت الراهن، وضمان سلامة المدنيين يمثل الشغل الشاغل، وبدء الحوار والتفاوض يمثل المخرج الأساسي، وجهود المجتمع الدولي لإحلال السلام لا يستغنى عنها، الأمر الذي أوضح بشكل تام الموقف الصيني المبدئي من الوقوف إلى جانب الحق والالتزام بالعدالة، وتمثل هذه الرؤية وصفة ناجعة تتناسب مع الوضع الحالي وتراعي المصلحة الطويلة الأمد.
إن ما قاله وزير الخارجية الصيني وانغ يي واضح ومؤثر: نتطلع إلى وقف إطلاق النار بشكل حقيقي، وتنفيذه بشكل جدي وفعال. إن وقف إطلاق النار الحقيقي ليس هدنة مؤقتة للعمليات العسكرية، بل وهو إظهار كافة الأطراف المعنية أقصى درجة من النية الصادقة للحفاظ على الوضع الهادئ الذي لم يتحقق بسهولة، حتى لا يهرب المدنيون الرازحون تحت وطأة الحرب من الغارات الجوية، وتعود آبار النفط إلى الإنتاج، ويعود الأطفال إلى مدارسهم. يجب وضع سلامة الشعب فوق كل الاعتبارات، وإحلال السلام وتثبيت جذوره.
يتطلب السلام القوة لحمايته، غير أن القوة لا تجلب بالضرورة السلام الحقيقي. هم أشاروا إلى الأنقاض ووصفوها سلاما. لما خرجت القوة عن السيطرة وتحولت إلى أداة تستخدم لممارسة قانون الغابة والفائز يأخذ كل شيء، فمن الأرجح أن يتحول السلام من المثل العليا للبشرية إلى هتاف أجوف. إذا استعرضنا الممارسات الدولية في العقود الماضية، سواء أكانت حرب العراق والأزمة السورية أو حتى الصراع في غزة الذي ما زال يستمر حتى الآن، فسنجد أن ما وراء تلك المآسي والتداعيات المستمرة هو إدمان بعض الدول الكبيرة في تعزيز السلام بالقوة، وفي الحقيقة هو ليس سوى فرض إرادتها قسرا فوق إرادة الدول الأخرى. إن مثل هذا المنطق على أساس القوة الأحادي الجانب لن يجلب أمنا حقيقيا ودائما. لذلك، تأمل الصين من الأطراف المعنية تعزيز الحوار وبلورة الثقة المتبادلة وإجراء التعاون المخلص فيما بينها، والدفع بإنشاء معادلة أمنية جديدة في الشرق الأوسط، بما يحقق الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام.
قبل 80 عاما، وقع ميثاق الأمم المتحدة في بلدية سان فرانسيسكو رسميا، وينص في الديباجة أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، وإن جوهر المقاصد والمبادئ للميثاق يتمثل فيالحفاظ على السلم والأمن الدوليين ومبدأ المساواة في السيادة بين جميع الأعضاء وعدم المساس بها كوعود رسمية. غير أن بعض الدول الكبرى انطلقت من مصالحها الذاتية وتدخلت في الشؤون الداخلية لدول أخرى بشكل غاشم، حتى داست على سيادة الدول الأخرى بشكل سافر، ولقد هز ذلك في الحقيقة أساس الأمم المتحدة للبقاء وجرّ النظام الدولي نحو دوامة مخيفة من القوة هي الحق. فلا يمكن للمجتمع الدولي أن يدفع النظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدلا وإنصافا ويقوم بدور فعال من أجل تدعيم السلام والاستقرار في المنطقة والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، إلا من خلال تعزيز التنسيق والتعاون والتمسك بالحق والعدالة والإصغاء بشكل أكثر إلى الأصوات المشتركة من الدول المحبة للسلام والعدالة، والاحترام التام للهموم الأمنية المشروعة والخيارات المستقلة لشعوب دول المنطقة والتوظيف الكامل لدور مجلس الأمن الدولي وغيره من الآليات الدولية.
أكد الرئيس شي جينبينغ أن السلام لا الحرب، والتعاون لا المواجهة، والكسب المشترك لا اللعبة الصفرية، هي العنوان الأبدي للسلم والتقدم والتنمية في المجتمع البشري. سيعمل الجانب الصيني مع كافة الأطراف على الوقوف دائما إلى جانب السلام والحوار والعدالة الدولية، لبناء السلام وتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط.
المؤلف: وو يافي، مراقب القضايا الدولية