نشر باحث المركز مقالة في صحيفة الدستور المصرية

الناشر:汪倩

تاريخ النشر:
2020-07-09

أصدر الدكتور وانغ قوانغدا المدير التنفيذي لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية مقالة تحت عنوان" التعاون الصيني مع مصر والدول العربية في مكافحة الوباء" في صحيفة الدستور المصرية. وفيما يلي النص الكامل للمقالة:

تربط بين الصين والدول العربية ذكريات مشتركة للتواصل الودي في التاريخ، وكان الجانبان يتبادلان الدعم والمساعدة بروح الفريق الواحد في المهام المشتركة لتحقيق الاستقلال الوطني وبناء الدولة في العصر الحديث، مما أرسى أسسًا متينة للتواصل والتنافع بين الحضارتين العظيمتين في العصر الجديد. في السنوات الأخيرة، عملت الأمتان الصينية والعربية استرشادًا بالدبلوماسية على مستوى القمة على تكريس روح طريق الحرير لبناء «الحزام والطريق»، والدفع بإقامة المجتمع الصيني العربي للمصالح والمستقبل المشترك. في وجه الوباء، تساندت الصين والدول العربية حفاظًا على مصلحة الجانبين، مما أسهم في توسيع مجالات التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية والارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية بينهما إلى مستوى جديد.

منذ حدوث وباء فيروس كورونا المستجد تعاونت الصين والدول العربية في مكافحة الوباء وتغلبت على الصعوبات المرحلية، ودفعت بإقامة مجتمع الصحة المشتركة على نحو معمق. ولما كان الوباء يجتاح الصين، أعربت جميع الدول العربية الـ٢٢ وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي وغيرهما من المنظمات الإقليمية عن دعمها للجهود الصينية في مكافحة الوباء.

وفقًا للإحصاءات غير المكتملة، أعرب أكثر من ٦٠ مسئولًا وعدد لا يُحصى من رجال الأعمال والشخصيات المدنية في الدول العربية عن التقدير للإجراءات الاحترازية الصينية والتشجيع للصين، وهم سجلوا تقديرًا عاليًا لقدرة الحوكمة الصينية على مواجهة أزمة الصحة العامة، وقدموا الدعم الأخلاقي والمعنوي والمادي الثمين للصين.

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن مصر، حكومة وشعبًا، تدعم الجانب الصيني بكل ثبات، وتثق بأن الجانب الصيني يقدر على هزيمة الوباء على وجه السرعة، وأقر مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية قرارًا للتعبير عن التقدير والدعم للجهود الصينية في مكافحة الوباء. كما تبرعت الدول الأعضاء في الجامعة العربية بنحو ١٠ ملايين كمامة وقرابة ٣.٢ مليون زوج من القفازات و١٠٠ ألف لباس واقٍ و٦٥ ألف نظارة واقية إلى الصين.

نظم مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية الذي تم إنشاؤه بمبادرة الرئيس شي جين بينج قبل ٣ سنوات بنجاح ١٠ دورات دراسية للمسئولين العرب ودورة دراسية للأحزاب السياسية الصينية والعربية بشأن بناء «الحزام والطريق» بمشاركة ٢٩٨ مسئولًا على المستوى الرفيع من الدول العربية والجامعة العربية، حيث تبادلوا الخبرات حول الإصلاح والتنمية والإدارة والحكم بشكل مستفيض، وتباحثوا على نحو معمق حول مفهوم إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك وسبل التعاون في إطار «الحزام والطريق». أثناء تفشى الوباء، بعث المتدربون في الدورات الدراسية برسائل المواساة للتعبير عن ثقتهم الثابتة في الصين لهزيمة الوباء بالاعتماد على ميزة النظام وقدرة الحوكمة.

يعرف الصديق وقت الضيق، ففي ظل انتشار الوباء في عدة دول ومناطق العالم، لم تبق الدول العربية الواقعة في منطقة التلاقى بين آسيا وإفريقيا وأوروبا في حالة الأمن بنفسها. لغاية منتصف يونيو، سجلت الدول العربية الـ٢٢ أكثر من ٤٠٠ ألف حالة مؤكدة، وأكثر من ٥٠٠٠ حالة وفاة. في الوقت الصعب والخطر، لم ينس الشعب الصيني عرفان الجانب العربي، ومد يد العون في اللحظة الأولى لتقديم كل ما في وسعه من الدعم والمساعدة إلى الدول العربية بكل أشكالها لترجمة مفهوم تشارك المستقبل والتضامن في مكافحة الوباء على الأرض بخطوات حقيقية.

أرسلت الصين فرق الخبراء الطبيين إلى العراق والسعودية والكويت وجيبوتي والجزائر والسودان وفلسطين وغيرها من الدول تباعًا، وقدمت المستلزمات الطبية إلى ٢٠ دولة عربية، بما فيها مصر وتونس وقطر والأردن، وساعدت العراق والسعودية وفلسطين على بناء مختبرات فحص الفيروس. في يوم ٢٥ أبريل، تم إنجاز غرفة الفحص بالأشعة المقطعية بمساعدة الصين في بغداد العراقية.

أثناء تفشى الوباء، تبادل القادة الصينيون والعرب ٢٣ برقية مواساة، وأجرى الرئيس شي جين بينج ٩ مكالمات هاتفية مع القادة العرب. يولى الجانب العربي اهتمامًا بالغًا للاستفادة من الخبرات والتجارب الصينية الناجعة لمكافحة الوباء، وعليه، عقد الجانبان الصيني والعربي ٢٠ جلسة افتراضية لتقاسم الخبرات حول مكافحة الوباء. في عملية مكافحة الوباء، تبادل الجانبان الصيني والعربي الدعم وأجريا التعاون المخلص من خلال التواصل الفعال والمساعدة السخية وتقاسم الخبرات، الأمر الذي يعد نموذجًا يحتذى به للتعاون بين الدول النامية.

تقدر الدول العربية تقديرًا عاليًا جهود الصين ودورها كدولة مسئولة وكبيرة لدعم مكافحة الوباء في العالم التزامًا بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. أعرب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود في المكالمة الهاتفية مع الرئيس شي جين بينج عن شكره للجانب الصيني على تقديم مواد الفحص والمستلزمات الطبية للسعودية، مؤكدًا وقوف الشعب السعودي الدائم والثابت مع الجانب الصيني. وأشار أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة زايد في أبو ظبي جوناثان فولتون، مستشهدًا بمقالة منشورة في جريدة «نيويورك تايمز»، إلى أن الصين أصبحت «رائدة مسئولة في العالم في أوقات الأزمة العالمية» في خضم التعاون الدولي في مكافحة الوباء.

في بداية حدوث الوباء، أضيئت المعالم الرمزية في الإمارات ومصر باللون الأحمر، وتضامنت وسائل الإعلام العربية مع الصين بأساليب مختلفة، وقامت بتغطية الإنجازات التي حققتها الصين في مكافحة الوباء واستئناف العمل والإنتاج وسجلت تقييمًا إيجابيًا لخروج الصين من مأزق الوباء قبل الآخرين، الأمر الذي يدل على أن الصداقة مع الصين تظل تيارًا رئيسيًا في الرأي العام ووسائل الإعلام العربية. عندما قامت الولايات المتحدة والغرب بتسييس الإجراءات الوقائية الصينية وربط الفيروس بالصين وإساءة سمعتها، نشرت العديد من الدول العربية مقالات عرضت الإنجازات الصينية في مكافحة الوباء، دفاعًا عن العدالة والإنصاف.

خلاصة القول، تتخذ وسائل الإعلام العربية الرئيسية موقفًا موضوعيًا وإيجابيًا من تطورات الوباء في الصين، الأمر الذي يتماشى مع الصداقة الصينية العربية، ويسهم في جعل علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية أكثر عمقًا وفعالية، في السنوات الأخيرة، لاقى فكر شي جين بينج الدبلوماسي وتطبيقاته الدبلوماسية قبولًا واسع النطاق في الدول العربية. في أعوام ٢٠١٤ و٢٠١٦ و٢٠١٨، قدم الرئيس شي جين بينج عروضًا مهمة حول السياسة الصينية أمام العالم العربي، الأمر الذي أدخل علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية إلى عصر جديد.

في مطلع العام الجاري، قام مستشار الدولة وزير الخارجية وانج يي بزيارة لمصر، باعتبارها المحطة الأولى في جولته الخارجية الأولى منذ رأس السنة، حيث التقى مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الأمر الذى يعكس بجلاء الاهتمام البالغ من الجانب الصيني بتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر وعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية.

إن الصين كثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفت بمسئولياتها تجاه قضية الصحة العامة العالمية، وأثبت ما أظهرته من صورة دولة مسئولة وكبيرة في مواجهة الوباء أنها تستحق الثقة في مجالات أخرى للتعاون الدولي. نحن على ثقة تامة بأن علاقات الصداقة الصينية- العربية ستزداد عمقًا ومتانة، وستقبل على آفاق أرحب بفضل التعاون في مكافحة الوباء.

المصدر: صحيفة الدستور المصرية