الصين والدول الإسلامية تمضي قدما إلى الأمام معا في السراء والضراء

الناشر:汪倩

تاريخ النشر:
2022-04-11

انعقد اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسلام أباد بباكستان في الفترة ما بين يومي 22 و23 مارس تحت عنوان بناء الشراكات من أجل الوحدة والعدالة والتنمية، وبحضور وزراء الخارجية والممثلين من أكثر من 60 دولة. وكان الاجتماع يركز على الأوضاع الأمنية الإقليمية والدولية ومكافحة الإرهاب والتنمية المستدامة والمواضيع الأخرى. وحضر مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي الجلسة الافتتاحية للاجتماع وألقى كلمة فيها بناء على الدعوة، وهذه المرة الأولى بالنسبة لوزير خارجية صيني لحضور اجتماع مجلس وزراء الخارجية للمنظمة. واستخلص وانغ يي في كلمته الخبرات التاريخية الثمينة للتبادلات بين الحضارتين الصينية والإسلامية المتمثلة في التمسك الدائم بتبادل الاحترام والثقة والتضامن والتساند وتبادل التعلم والاستفادة، كما أكد بوضوح على رغبة الجانب الصيني في بناء علاقات الشراكة مع الدول الإسلامية في أربعة محاور، أي التضامن والتنسيق، والتنمية والنهضة، والأمن والاستقرار، والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، الأمر الذي يعكس بجلاء الرغبة الصينية الصادقة في تعزيز التواصل والتعاون مع العالم الإسلامي، ويبرز السمة البارزة للعلاقات الصينية الإسلامية.

يعتبر التضامن والتنسيق حجرة الأساس. إن العلاقات بين الصين والدول الإسلامية تضرب جذورها في عمق التاريخ، كان الجانبان يتبادلان الفهم والصداقة والمودة في طريق الحرير القديم، ويتضامنان أمام الشدائد والمحن في النضال من أجل التحرر الوطني، ويتآزران في ظل الستار الحديدي للحرب الباردة، ويتمسكان بالمسؤولية في دفع العالم نحو تعددية الأقطاب، ويتعاونان لتحقيق المكاسب المشتركة في العولمة الاقتصادية. لن ننسى أبدا ما قامت به الجزائر وغيرها من الدول الإسلامية من طرح مشروع القرار بشكل مشترك، الذي حظي بدعم من قبل حوالي 30 دولة بسرعة، مما حمل الصين إلى الأمم المتحدة. فإن دعم الصين لم يكن غائبا أبدا وبل كان حازما ودائما في القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا التي تهم العالم الإسلامي. اليوم، أقامت الصين علاقة الشراكة مع 32 دولة إسلامية، مما نصب نماذج ناجحة عديدة للتعاون بين الجنوب والجنوب. إن الصين والدول الإسلامية باعتبارها أعضاء مهمة في أسرة الدول النامية الكبيرة، ستواصل التمسك بالغاية الأصلية للتضامن وتوحيد الجهد من أجل التقدم المشترك وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية وتعزيز الوحدة للدول النامية وتقديم دعم ثابت لجهود الجانب الآخر الرامية إلى الدفاع عن حقوقه التنموية وصيانة المصلحة المشتركة للدول النامية الغفيرة، بما يضفي مزيدا من عوامل الاستقرار والطاقة الإيجابية إلى العالم.

تعتبر التنمية والنهضة عنصرا حاسما. إن الدول الإسلامية منشأ لمبادرة الحزام والطريق، وهي أيضا الأرض المزدهر للتعاون في بناء الحزام والطريق. إن السعي وراء التنمية والنهضة يظل تطلعا لشعوب الدول الإسلامية. حتى الآن، وقعت الصين وثائق تعاون مع 54 دولة إسلامية للتشارك في بناء الحزام والطريق، ونفذت الصين ما يقرب من 600 مشروع ضخم بقيمة 400 مليار دولار أمريكي في هذه الدول. إن واردات الصين للنفط الخام من الدول الإسلامية تشكل 57.7٪ من إجمالي وارداتها من العالم. تجاوبت الدول الإسلامية بموقف إيجابي مع مبادرة التنمية العالمية بعد طرحها من قبل الرئيس شي جينبينغ، وأعربت 41 دولة إسلامية عن دعمها للمبادرة، وانضمت 25 منها إلى مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية. في الوقت الحالي، تواجه الصين والدول الإسلامية مهمة شاقة تتمثل في مكافحة الجائحة والتعافي والتنمية. وسيواصل الجانبان العمل على دفع التنمية العالمية بحزم والمساهمة فيها، والتشارك في بناء الحزام والطريق بجودة عالية، والعمل على تنفيذ مبادرات التنمية العالمية يدا بيد، والتعاون في تحقيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، بما يلبي بشكل أفضل تطلعات الشعب الصيني وشعوب الدول الإسلامية إلى حياة جميلة.

يجسد التعاون في مكافحة الجائحة مسؤولية مشتركة، تآزرت وتساندت الصين والدول الإسلامية لتجاوز الصعوبات العابرة في وجه جائحة فيروس كورونا المستجد التي أتت فجأة. في المرحلة الأكثر حسما للصين في مكافحة الجائحة، أعرب قادة الدول الإسلامية عن مواساتهم وتضامنهم للصين، وقدمت حكومات وشعوب الدول المختلفة دعما ومساعدة للصين بمختلف الأشكال. وأعرب الشعب الصيني عن تعاطفه للدول الإسلامية بعد تعرضها للصدمات الناجمة عن الجائحة، وقدمت الصين 1.3 مليار جرعة من اللقاح وكمية كبيرة من المستلزمات الوقائية لمكافحة الجائحة إلى 50 دولة إسلامية. كما أجرت الصين والدول الإسلامية تعاونا واسع النطاق في مكافحة الجائحة، بما في ذلك المرحلة الثالثة للتجربة السريرية الدولية للقاح معطل مضاد لفيروس كورونا المستجد، التي تعتبر الأولى من نوعها في العالم، وإنتاج مشترك للقاح، وبحث وتطوير الأدوية لمكافحة الجائحة، مما قدم مساهمات الصين والدول الإسلامية في الجهود الدولية لمكافحة الجائحة. إن الجائحة لا تعرف الحدود، والفيروس عدو مشترك للبشرية. إن الجائحة لم تنته في العالم في الوقت الحالي، سيلتزم الجانب الصيني بالقيم المشتركة للبشرية والمصلحة العليا للعالم، وسيواصل التعاون مع العالم الإسلامي في مكافحة الجائحة، بما يساهم في تحقيق التعافي الاقتصادي بشكل مستدام، والدفع بإقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للبشرية.

يعتبر الأمن والاستقرار أساسا. يجب أن يكون العالم الإسلامي أرضا للاستقرار والازدهار، وليس رقعة الشطرنج للتجاذبات الجيوسياسية. ويجب أن تكون الدول الإسلامية صاحبة القرار لمصيرها، بدلا من أن تكون تابعة لهيمنة القوى العظمى. أكد مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي في كلمته أن الجانب الصيني سيواصل دعم الدول الإسلامية لحل القضايا الساخنة بالحكمة الإسلامية والإمساك بمفتاح صيانة الاستقرار وتعزيز السلام في أيديها. هذا هو الموقف الصيني الواضح والوعد الصيني الجاد. سيواصل الجانب الصيني تقديم المساعدة البناءة لتعزيز الأمن والاستقرار في العالم الإسلامي، ودعم الدول الإسلامية في تعزيز بناء قدراتها الأمنية، والتعاون معها في مواجهة التحديات الأمنية. إن القضية الفلسطينية تضع الضمير على المحك، وينبغي للصين والعالم الإسلامي العمل على إيجاد حل شامل وعادل لهذه القضية في يوم مبكر على أساس حل الدولتين. إن القضية الأفغانية تعد اختبارا للحزم، ويجب على الصين والعالم الإسلامي العمل على تخفيف حدة الوضع الإنساني في أفغانستان وتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية فيها.

تعتبر الاستفادة المتبادلة بين الحضارات قوة دافعة. كما قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في كلمته الرئيسية أمام الجلسة الافتتاحية، إن الحضارتين الإسلامية والصينية يجمعهما كثير من القيم والمساعي، فمن الضروري إضفاء مقومات عصرية جديدة على الصداقة بين الدول الإسلامية والصين في ظل الظروف التاريخية الجديدة. ظلت الحضارتان الصينية والإسلامية تتبادلان الإعجاب وتستفيدان من بعضهما البعض منذ زمن طويل، وتعملان على تكريس القيم الحضارية الحقيقية المتمثلة في الاهتمام بالسلام، والدعوة إلى التناغم، والتمسك بالأمانة والصدق، والبحث عن الحق، وتزدهر هتان الحضارتان في حديقة حضارات العالم. في وجه الضجيج المتصاعدة حول الصراع بين الحضارات، ستواصل الصين والدول الإسلامية الالتزام بالطريق المستقيم بلا تزعزع، والدعوة إلى الحوار بين الحضارات وتعزيزه على قدم المساواة، وإطلاق صوتها الصريح بشكل مشترك ضد التمييز الحضاري ونظرية تفوق الحضارة على الحضارات الأخرى ونظرية الصراع بين الحضارات، والعمل بنشاط على الحفاظ على الحضارات المتنوعة في العالم.

في مايو عام 2019، بعث الرئيس شي جينبينغ ببرقية التهاني إلى الدورة الرابعة عشر لقمة منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا فيها أن الجانب الصيني يولي اهتماما بالغا لعلاقات الصداقة مع الدول الإسلامية، ويحرص على العمل يدا بيد مع العالم الإسلامي على خلق مستقبل أفضل. إذا راجعنا تاريخ التبادلات بين الصين والدول الإسلامية على مدى آلاف السنين الماضية، فنجد أن الصداقة بينهما صمدت أمام تقلبات الأوضاع الدولية، ولها التاريخ العميق والقيم المشتركة والأسس الشعبية القوية، ولا يمكن لأية دولة أو قوى أن تفككها وتقاومها. استشرافا للمستقبل، سيواصل الجانب الصيني المضي قدما مع الدول الإسلامية في السراء والضراء في الطريق نحو تحقيق النهضة الوطنية والدفاع عن الإنصاف والعدالة، بما يواصل الارتقاء بالعلاقات بين الصين والدول الإسلامية إلى مستويات جديدة.